وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا تَجُوزُ أَيْضًا) لِمَا قُلْنَا (وَلَا تَجُوزُ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ وَلَا بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْبَالِغِ) لِانْعِدَامِ الْمُسَاوَاةِ، لِأَنَّ الْحُرَّ الْبَالِغَ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ وَالْكَفَالَةَ، وَالْمَمْلُوكُ لَا يَمْلِكُ وَاحِدًا مِنْهُمَا إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى، وَالصَّبِيُّ لَا يَمْلِكُ الْكَفَالَةَ وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ إلَّا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ.
قَالَ (وَلَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ) وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَجُوزُ لِلتَّسَاوِي بَيْنَهُمَا فِي الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِزِيَادَةِ تَصَرُّفٍ يَمْلِكُهُ أَحَدُهُمَا كَالْمُفَاوَضَةِ بَيْنَ الشَّافِعِيِّ وَالْحَنَفِيِّ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ. وَيَتَفَاوَتَانِ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ، إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يَهْتَدِي إلَى الْجَائِزِ مِنْ الْعُقُودِ.
وَلَهُمَا أَنَّهُ لَا تَسَاوِي فِي التَّصَرُّفِ، فَإِنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ اشْتَرَى بِرَأْسِ الْمَالِ خُمُورًا أَوْ خَنَازِيرَ صَحَّ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا مُسْلِمٌ لَا يَصِحُّ
(وَلَا يَجُوزُ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ
الْمُفَاوَضَةِ وَبَعْضُ شَرَائِطِهَا مُنْتَفٍ انْعَقَدَتْ عِنَانًا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُنْتَفَى مِنْ شُرُوطِ الْعِنَانِ وَيَكُونُ تَعْبِيرًا بِالْمُفَاوَضَةِ عَنْ الْعِنَانِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا) إنَّ فِيهِ لِلْوَصْلِ.
وَقَوْلُهُ (لِمَا قُلْنَا) أَيْ لِتَحَقُّقِ التَّسَاوِي إذْ الْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا تَجُوزُ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ وَلَا بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْبَالِغِ لِتَعَذُّرِ الْمُسَاوَاةِ، لِأَنَّ الْحُرَّ الْبَالِغَ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ وَالْكَفَالَةَ، وَالْمَمْلُوكُ لَا يَمْلِكُ وَاحِدًا مِنْهُمَا إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى، وَالصَّبِيُّ لَا يَمْلِكُ الْكَفَالَةَ) أَصْلًا وَلَوْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ (وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ إلَّا بِإِذْنِهِ. قَالَ: وَلَا بَيْنَ الْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ ﵀: يَجُوزُ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا فِي صِحَّةِ الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ)
وَكَوْنُ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْكَافِرُ يَمْلِكُ زِيَادَةَ تَصَرُّفٍ لَا يَمْلِكُهُ الْآخَرُ كَالْعَقْدِ عَلَى الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ لَا مُعْتَبَرَ بِهِ بَعْدَ تَسَاوِيهِمَا فِي أَصْلِ التَّصَرُّفِ مُبَاشَرَةً وَوَكَالَةً وَكَفَالَةً (وَصَارَ كَالْمُفَاوَضَةِ بَيْنَ الشَّافِعِيِّ وَالْحَنَفِيِّ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ، وَيَتَفَاوَتَانِ فِي الْعَقْدِ عَلَى مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ) أَيْ عَقْدُ الشِّرْكَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ.
(لِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يَهْتَدِي إلَى الْجَائِزِ مِنْ الْعُقُودِ أَوْ لَا يَحْتَرِزُ مِنْ الرِّبَا فَيَكُونُ سَبَبًا لِوُقُوعِ الْمُسْلِمِ فِي أَكْلِ الْحَرَامِ) وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى اسْتِعْمَالِ الْجَوَازِ فِي أَعَمَّ مِنْ الْإِبَاحَةِ بِمَعْنَى اسْتِوَاءِ الطَّرَفَيْنِ وَهُوَ مَا لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَنْتَفِيَ الْحُكْمُ عَمَّا بَعُدَ إلَّا فَيَكُونُ قَدْ أَخْرَجَ الْكَرَاهَةَ الَّتِي يَتَضَمَّنُهَا الْجَوَازُ عَنْهُ فَلَا يَثْبُتُ، فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاكٌ مِنْ الْجَوَازِ فَإِنَّ مُطْلَقَهُ يَنْصَرِفُ إلَى غَيْرِ الْمَكْرُوهِ فَاسْتَدْرَكَ مِنْهُ الْكَرَاهَةَ: أَيْ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَبَعْضُ أَهْلِ الدَّرْسِ قَالُوا: يُرِيدُ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ لِمَا رَأَوْهُ بِمَعْنَى لَكِنْ، هُوَ غَلَطٌ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى فِي الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْقَطِعِ مُخْرَجٌ مِنْ حُكْمِ الصَّدْرِ، فَالْحِمَارُ لَمْ يَجِئْ فِي قَوْلِك جَاءُوا إلَّا حِمَارًا فَيَقْتَضِي إخْرَاجَ الْكَرَاهَةِ عَنْ ثُبُوتِ الْجَوَازِ فَلَا تَثْبُتُ الْكَرَاهَةُ (وَلَهُمَا أَنَّهُ لَا تَسَاوِي فِي التَّصَرُّفِ، فَإِنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ اشْتَرَى بِرَأْسِ مَالِهِ خُمُورًا وَخَنَازِير يَصِحُّ، وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا الْمُسْلِمُ لَا يَصِحُّ) لَكِنْ بَقِيَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ كَالْمُفَاوَضَةِ بَيْنَ الْحَنَفِيِّ وَالشَّافِعِيِّ مَعَ التَّفَاوُتِ فِيمَا يَمْلِكَانِ لَمْ يَجِبْ عَنْهُ، وَكَذَا بَيْنَ الْكِتَابِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ فَإِنَّ الْمَجُوسِيَّ يَتَصَرَّفُ فِي الْمَوْقُوذَةِ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ مَالِيَّتَهَا دُونَ الْكِتَابِيِّ، وَكَذَا الْكِتَابِيُّ يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ لِلذَّبْحِ دُونَ الْمَجُوسِيِّ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute