. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النِّصْفِ الْآخَرِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُمَا تَصْحِيحُ هَذَا الْعَقْدِ وَقَدْ قَبِلَ، وَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ إلَّا بِذَلِكَ؛ وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ عَبْدًا وَقَبَضَهُ فَطَلَبَ إلَيْهِ آخَرُ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيهِ فَأَشْرَكَهُ فِيهِ فَلَهُ نِصْفُهُ بِمِثْلِ نِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ، وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ مُقْتَضَى الشِّرْكَةِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ﴾ إلَّا أَنْ يَبِينُ خِلَافُهُ، وَلَوْ أَشْرَكَ اثْنَيْنِ فِيهِ صَفْقَةً وَاحِدَةً كَانَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَلَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ عَبْدًا فَأَشْرَكَا فِيهِ آخَرَ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ لَهُ نِصْفُهُ وَلِكُلٍّ مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ رُبُعُهُ لِأَنَّ كُلًّا صَارَ مُمَلَّكًا نِصْفَ نَصِيبِهِ فَيَجْتَمِعُ لَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ.
وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَهُ ثُلُثُهُ، لِأَنَّهُمَا حِينَ أَشْرَكَاهُ سَوَّيَاهُ بِأَنْفُسِهِمَا وَكَانَ كَأَنَّهُ اشْتَرَى الْعَبْدَ مَعَهُمَا، وَلَوْ أَشْرَكَهُ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ فِي نَصِيبِهِ وَنُصِبْ الْآخَرِ فَأَجَازَ شَرِيكُهُ ذَلِكَ كَانَ لِلرَّجُلِ نِصْفُهُ وَلِلشَّرِيكَيْنِ نِصْفُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا قَالَ لِرَجُلٍ أَشْرَكْتُك فِي هَذَا الْعَبْدِ فَأَجَازَ شَرِيكُهُ كَانَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لِأَنَّ الْإِجَازَةَ فِي الِانْتِهَاءِ كَالْإِذْنِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَكَذَا لَوْ أَشْرَكَهُ أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ وَلَمْ يُسَمِّ فِي كَمْ أَشْرَكَهُ ثُمَّ أَشْرَكَهُ الْآخَرُ فِي نَصِيبِهِ كَانَ لَهُ النِّصْفُ.
وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَشْرَكْتُك فِي نِصْفِ هَذَا الْعَبْدِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ كَانَ مُمَلَّكًا جَمِيعَ نَصِيبِهِ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَشْرَكْتُك بِنِصْفِهِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُشْتَرِي لَوْ كَانَ وَاحِدًا فَقَالَ لِرَجُلٍ أَشْرَكْتُك فِي نِصْفِهِ كَانَ لَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ كَقَوْلِهِ أَشْرَكْتُك بِنِصْفِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَشْرَكْتُك فِي نَصِيبِي فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ بِهَذَا اللَّفْظِ مُمَلَّكًا جَمِيعَ نَصِيبِهِ بِإِقَامَةِ حَرْفٍ فِي مَقَامِ حَرْفِ الْبَاءِ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ أَشْرَكْتُك بِنَصِيبِي كَانَ بَاطِلًا فَلِذَا كَانَ لَهُ نِصْفُ نَصِيبِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ ثُبُوتَ الشِّرْكَةِ فِيمَا ذَكَرْنَا كُلُّهُ يَنْبَنِي عَلَى صَيْرُورَةِ الْمُشْتَرِي بَائِعًا لِلَّذِي أَشْرَكَهُ وَهُوَ اسْتَفَادَ الْمِلْكَ مِنْهُ، فَانْبَنَى عَلَى هَذَا أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى أَشْرَكَ فِيهِ رَجُلًا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَا لَمْ يُقْبَضْ كَمَا لَوْ وَلَّاهُ إيَّاهُ، وَلَوْ أَشْرَكَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ حَتَّى هَلَكَ لَمْ يَلْزَمْهُ ثَمَنٌ لِأَنَّ هَلَاكَ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يُبْطِلُ الْبَيْعَ، وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الَّذِي أَشْرَكَهُ لِأَنَّ لَفْظَ أَشْرَكْتُك صَارَ إيجَابًا لِلْبَيْعِ، وَلَوْ قَالَ أَشْرَكْتُك فِيهِ عَلَى أَنْ تَنْقُدَ عَنِّي الثَّمَنَ فَفَعَلَ كَانَتْ شِرْكَةً فَاسِدَةً لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَشَرْطٌ فَاسِدٌ وَهُوَ أَنْ يَنْقُدَ عَنْهُ ثَمَنَ نِصْفِهِ الَّذِي هُوَ لَهُ.
وَلَوْ نَقَدَ عَنْهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا نَقَدَ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِأَمْرِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْعَبْدِ لِأَنَّ الْإِشْرَاكَ كَانَ فَاسِدًا وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ بِدُونِ الْقَبْضِ لَا يُوجِبُ شَيْئًا؛ وَلَوْ قَبَضَ نِصْفَ الْمَبِيعِ ثُمَّ أَشْرَكَ فِيهِ آخَرَ مَلَكَ الْآخَرُ نِصْفَ الْعَبْدِ لَا نِصْفَ النِّصْفِ الَّذِي قَبَضَهُ لِأَنَّ الْإِشْرَاكَ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ إذَا انْصَرَفَ إشْرَاكُهُ إلَى الْكُلِّ، ثُمَّ يَصِحُّ فِي الْمَقْبُوضِ لِوُجُودِ شَرْطِهِ لِأَنَّ تَصْحِيحَ التَّصَرُّفِ يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ لَا يُخَالِفُ اللَّفْظَ، وَقَضِيَّةُ اللَّفْظِ إشْرَاكُهُ فِي كُلِّهِ؛ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ أَيُّنَا اشْتَرَى هَذَا الْعَبْدَ فَقَدْ أَشْرَكَ فِيهِ صَاحِبَهُ أَوْ فَصَاحِبُهُ فِيهِ شَرِيكٌ لَهُ فَهُوَ جَائِزٌ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُوَكِّلٌ لِصَاحِبِهِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ نِصْفَ الْعَبْدِ لَهُ، فَأَيُّهُمَا اشْتَرَاهُ كَانَ مُشْتَرِيًا نِصْفَهُ لِنَفْسِهِ وَنِصْفَهُ لِصَاحِبِهِ، فَإِذَا قَبَضَهُ فَهُوَ كَقَبْضِهِمَا لِأَنَّ يَدَ الْوَكِيلِ كَيَدِ الْمُوَكِّلِ مَا لَمْ يَمْنَعْهُ حَتَّى لَوْ مَاتَ كَانَ مِنْ مَالِهِمَا، فَإِنْ اشْتَرَيَاهُ مَعًا أَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ قَبْلَ صَاحِبِهِ ثُمَّ اشْتَرَى صَاحِبُهُ النِّصْفَ الْآخَرَ كَانَ بَيْنَهُمَا لِتَمَامِ مَقْصُودِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَوْ نَقَدَ أَحَدُهُمَا كُلَّ الثَّمَنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ رَجَعَ بِنِصْفِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّ بِالْعَقْدِ السَّابِقِ بَيْنَهُمَا صَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَكِيلًا عَنْ الْآخَرِ فِي نَقْدِ الثَّمَنِ مِنْ مَالِهِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا وَنَقَدَ الثَّمَنَ فَإِنْ أَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِشَرِيكِهِ فِي بَيْعِهِ فَبَاعَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَهُ كَانَ بَائِعًا نَصِيبَ شَرِيكِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ.
وَلَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute