وَضَمِّ السُّورَةِ إلَيْهَا وَمُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ فِيمَا شُرِعَ مُكَرَّرًا مِنْ الْأَفْعَالِ، وَالْقَعْدَةِ الْأُولَى وَقِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ وَالْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ وَالْجَهْرِ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ وَالْمُخَافَتَةِ فِيمَا يُخَافَتُ فِيهِ، وَلِهَذَا تَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ
عَلَيْهَا شَرْعًا لِأَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي يَحْنَثُ بِالرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ دُونَ تَوَقُّفٍ عَلَى الْقَعْدَةِ فَيُعْلَمُ أَنَّهَا شُرِعَتْ لِلْخُرُوجِ، وَهَذَا لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَفْعَالٌ وُضِعَتْ لِلتَّعْظِيمِ وَلَيْسَ الْقُعُودُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا سِوَاهُ.
ثُمَّ الرُّكْنُ يَنْقَسِمُ إلَى أَصْلِيٍّ وَزَائِدٍ وَهُوَ مَا يَسْقُطُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقِ ضَرُورَةٍ وَهُوَ الْقِرَاءَةُ تَسْقُطُ حَالَةَ الِاقْتِدَاءِ وَعَنْ الْمُدْرِكِ فِي الرُّكُوعِ مَثَلًا بِخِلَافِ غَيْرِهَا لَا يَسْقُطُ إلَّا لِضَرُورَةٍ
(قَوْلُهُ فِيمَا شُرِعَ مُكَرَّرًا مِنْ الْأَفْعَالِ) أَرَادَ بِهِ مَا تَكَرَّرَ فِي كُلِّ الصَّلَاةِ كَالرَّكَعَاتِ إلَّا لِضَرُورَةِ الِاقْتِدَاءِ حَيْثُ يَسْقُطُ بِهِ التَّرْتِيبُ، فَإِنَّ الْمَسْبُوقَ يُصَلِّي آخِرَ الرَّكَعَاتِ قَبْلَ أَوَّلِهَا وَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَالْأَصْلُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمَشْرُوعَ فَرْضًا فِي الصَّلَاةِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: مَا يَتَّحِدُ فِي كُلِّ الصَّلَاةِ كَالْقَعْدَةِ، أَوْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ، وَمَا يَتَعَدَّدُ فِي كُلِّهَا كَالرَّكَعَاتِ أَوْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَالسُّجُودِ.
وَالتَّرْتِيبُ شَرْطٌ بَيْنَ مَا يَتَّحِدُ فِي كُلِّ الصَّلَاةِ وَجَمِيعُ مَا سِوَاهُ مِمَّا يَتَعَدَّدُ فِي كُلِّهَا أَوْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَمَا يَتَّحِدُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، حَتَّى لَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ الْقَعْدَةِ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِمُفْسِدِ رَكْعَةٍ أَوْ سَجْدَةٍ صُلْبِيَّةٍ أَوْ لِلتِّلَاوَةِ فَعَلَهَا وَأَعَادَ الْقَعْدَةَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَكَذَا إذَا تَذَكَّرَ رُكُوعًا قَضَاهُ وَقَضَى مَا بَعْدَ السُّجُودِ أَوْ قِيَامًا أَوْ قِرَاءَةً صَلَّى رَكْعَةً تَامَّةً، وَكَذَا يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ مَا يَتَّحِدُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ، وَلِذَا قُلْنَا آنِفًا فِي تَرْكِ الْقِيَامِ وَحْدَهُ إنَّهُ يُصَلِّي رَكْعَةً تَامَّةً.
وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَقَوْلُهُ فِي النِّهَايَةِ: التَّرْتِيبُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَيْنَ مَا يَتَعَدَّدُ فِي كُلِّ الصَّلَاةِ: يَعْنِي الرَّكَعَاتِ أَوْ يَتَّحِدُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَبَيْنَ مَا يَتَعَدَّدُ فِي رَكْعَةٍ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ بَيْنَ السُّجُودِ وَالْمُتَّحَدِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ تَفْصِيلٌ إذَا كَانَ سُجُودَ ذَلِكَ الرُّكُوعِ بِأَنْ يَكُونَا رُكُوعًا وَسُجُودًا مِنْ رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَالتَّرْتِيبُ شَرْطٌ، وَإِنْ كَانَ رُكُوعًا مِنْ رَكْعَةٍ وَسُجُودًا مِنْ أُخْرَى بِأَنْ تَذَكَّرَ فِي سَجْدَةٍ رُكُوعَ رَكْعَةٍ قَبْلَ هَذِهِ السَّجْدَةِ قَضَى الرُّكُوعَ مَعَ سَجْدَتَيْهِ، وَعَلَى قَلْبِهِ بِأَنْ تَذَكَّرَ فِي رُكُوعٍ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا سَجَدَهَا وَهَلْ يُعِيدُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ الْمُتَذَكَّرَ فِيهِ فَفِي الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إعَادَتُهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ مُعَلَّلًا بِأَنَّ التَّرْتِيبَ لَيْسَ بِفَرْضٍ بَيْنَ مَا يَتَكَرَّرُ مِنْ الْأَفْعَالِ.
وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُعِيدُهُ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ ارْتَفَضَ بِالْعَوْدِ إلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الْأَرْكَانِ لِأَنَّهُ قَبْلَ الرَّفْعِ مِنْهُ يَقْبَلُ الرَّفْضَ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ فِيمَا لَوْ تَذَكَّرَ سَجْدَةً بَعْدَ مَا رَفَعَ مِنْ الرُّكُوعِ أَنَّهُ يَقْضِيهَا وَلَا يُعِيدُ الرُّكُوعَ لِأَنَّهُ بَعْدَ مَا تَمَّ بِالرَّفْعِ لَا يَقْبَلُ الرَّفْضَ، فَعُلِمَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي إعَادَتِهَا لَيْسَ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ وَعَدَمِهِ، بَلْ عَلَى أَنَّ الرُّكْنَ الْمُتَذَكَّرَ فِيهِ هَلْ يُرْتَفَضُ بِالْعَوْدِ إلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الْأَرْكَانِ أَوْ لَا.
وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ أَبِي الْفَضْلِ الَّذِي هُوَ جَمْعُ كَلَامِ مُحَمَّدٍ ﵀: رَجُلٌ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ وَلَمْ يَسْجُدْ ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ وَسَجَدَ وَلَمْ يَرْكَعْ فَهَذَا قَدْ صَلَّى رَكْعَةً، وَكَذَلِكَ إنْ رَكَعَ أَوَّلًا ثُمَّ قَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ فَإِنَّمَا صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً، وَكَذَلِكَ إنْ سَجَدَ أَوَّلًا سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ وَرَكَعَ وَلَمْ يَسْجُدْ ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ وَسَجَدَ فِي الثَّالِثَةِ وَلَمْ يَرْكَعْ فَإِنَّمَا صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً، وَكَذَلِكَ إنْ رَكَعَ فِي الْأُولَى وَلَمْ يَسْجُدْ وَرَكَعَ فِي الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَسْجُدْ ثُمَّ سَجَدَ فِي الثَّالِثَةِ وَلَمْ يَرْكَعْ فَإِنَّمَا صَلَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute