اتِّحَادُ الْعَمَلِ وَالْمَكَانِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَزُفَرَ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُجَوِّزَ لِلشَّرِكَةِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ لَا يَتَفَاوَتُ
(وَلَوْ شَرَطَا الْعَمَلَ نِصْفَيْنِ وَالْمَالَ أَثْلَاثًا جَازَ) وَفِي الْقِيَاسِ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ بِقَدْرِ الْعَمَلِ، فَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ فَلَمْ يَجُزْ الْعَقْدُ لِتَأْدِيَتِهِ إلَيْهِ، وَصَارَ كَشَرِكَةِ الْوُجُوهِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: مَا يَأْخُذُهُ لَا يَأْخُذُهُ رِبْحًا لِأَنَّ الرِّبْحَ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ عَمَلٌ وَالرِّبْحَ مَالٌ فَكَانَ بَدَلَ الْعَمَلِ وَالْعَمَلُ يُتَقَوَّمُ بِالتَّقْوِيمِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ مَا قُوِّمَ بِهِ فَلَا يَحْرُمُ،
أَيْ فِي جَوَازِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ (اتِّحَادُ الْعَمَلِ وَالْمَكَانِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَمَالِكٍ). وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدَّمَ فِي اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ لِزُفَرَ أَنَّ مِنْ ثَمَرَاتِهِ عَدَمَ جَوَازِ شَرِكَةِ التَّقَبُّلِ، وَهُوَ يُنَافِي اشْتِرَاطَهُ لِصِحَّتِهَا اتِّحَادَ الْعَمَلِ وَالْمَكَانِ.
أُجِيبُ بِأَنَّ عَنْ زُفَرَ فِي جَوَازِ شَرِكَةِ التَّقَبُّلِ رِوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي الْمَبْسُوطِ، فَفَرَّعَ رِوَايَةَ الْمَنْعِ عَلَى شَرْطِ خَلْطِ الْمَالِ، وَذَكَرَ هُنَا شَرْطَهُ فِي تَجْوِيزِهَا، ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَجْهَ الْجَوَازِ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُجَوِّزَ لِشَرِكَةِ التَّقَبُّلِ) مِنْ كَوْنِ الْمَقْصُودِ تَحْصِيلَ الرِّبْحِ (لَا يَتَفَاوَتُ) بَيْنَ كَوْنِ الْعَمَلِ فِي دُكَّانَيْنِ أَوْ دُكَّانٍ وَكَوْنِ الْأَعْمَالِ مِنْ أَجْنَاسٍ أَوْ جِنْسٍ فَلَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِ شَرْطٍ بِلَا دَلِيلٍ يُوجِبُهُ
(قَوْلُهُ وَلَوْ شَرَطَا الْعَمَلَ نِصْفَيْنِ) يَعْنِي التَّسَاوِيَ فِي الْعَمَلِ وَالرِّبْحَ أَثْلَاثًا (جَازَ) بِشَرْطِ كَوْنِ الْمَشْرُوطِ لَهُ مَشْرُوطًا عَلَيْهِ الْعَمَلُ (وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ) وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ (لِأَنَّ الضَّمَانَ هُنَا إنَّمَا هُوَ بِقَبُولِ الْعَمَلِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا مَالَ عُقِدَتْ الشَّرِكَةُ عَلَيْهِ فَزِيَادَةُ الرِّبْحِ لِأَحَدِهِمَا (رِبْحٌ مَا لَمْ يُضْمَنْ فَلَمْ تَجُزْ) كَمَا لَمْ تَجُزْ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ مَعَ شَرْطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute