للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا مَرَّ، وَالْوَكَالَةُ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ، وَكَذَا بِالِالْتِحَاقِ مُرْتَدًّا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْتِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَمَا إذَا عَلِمَ الشَّرِيكُ بِمَوْتِ صَاحِبِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ؛ لِأَنَّهُ عَزْلٌ حُكْمِيٌّ، وَإِذَا بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ بَطَلَتْ الشَّرِكَةُ، بِخِلَافِ مَا إذَا فَسَخَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الشَّرِكَةَ وَمَالُ الشَّرِكَةِ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ حَيْثُ يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ عَزْلٌ قَصْدِيٌّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

بِمَوْتِ شَرِيكِهِ وَعَدَمِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ حَتَّى لَا تَنْفُذَ تَصَرُّفَاتُ الْآخَرِ عَلَى الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ عَزْلٌ حُكْمِيٌّ فَإِنَّ مِلْكَهُ يَتَحَوَّلُ شَرْعًا إلَى وَارِثِهِ عَلِمَ مَوْتَهُ أَوْ لَا فَلَا يُمْكِنُ تَوَقُّفُهُ، وَقَدْ نَفَّذَهُ الشَّرْعُ حَيْثُ نَقَلَ الْمِلْكَ، بِخِلَافِ مَا إذَا فَسَخَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الشَّرِكَةَ وَمَالُهَا دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ حَيْثُ يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ عَزْلٌ قَصْدِيٌّ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ حَجْرٍ فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ، وَتَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ مَالُ الشَّرِكَةِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عُرُوضًا فَلَا رِوَايَةَ فِي ذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَإِنَّمَا الرِّوَايَةُ فِي الْمُضَارَبَةِ وَهِيَ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ إذَا نَهَى الْمُضَارِبَ عَنْ التَّصَرُّفِ، فَإِنْ كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ صَحَّ نَهْيُهُ غَيْرَ أَنَّهُ يَصْرِفُ الدَّرَاهِمَ بِالدَّنَانِيرِ إنْ كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِكَةِ دَنَانِيرَ وَعَكْسُهُ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ عُرُوضًا لَمْ يَصِحَّ فَجَعَلَ الطَّحَاوِيُّ الشَّرِكَةَ كَالْمُضَارَبَةِ فَقَالَ لَا تَنْفَسِخُ، وَبَعْضُ الْمَشَايِخِ قَالُوا: تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ عُرُوضًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ بِأَنَّ مَالَ الشَّرِكَةِ فِي أَيْدِيهِمَا مَعًا وَوِلَايَةُ التَّصَرُّفِ إلَيْهِمَا جَمِيعًا فَيَمْلِكُ كُلٌّ نَهْيَ صَاحِبِهِ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ نَقْدًا كَانَ أَوْ عَرَضًا، بِخِلَافِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَإِنَّهُ بَعْدَمَا صَارَ عَرَضًا ثَبَتَ حَقُّ الْمُضَارِبِ فِيهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ رِبْحَهُ وَهُوَ الْمُنْفَرِدُ بِالتَّصَرُّفِ فَلَا يَمْلِكُ رَبُّ الْمَالِ نَهْيَهُ.

[فُرُوعٌ]

إنْكَارُ الشَّرِكَةِ فَسْخٌ. وَقَوْلُهُ لَا أَعْمَلُ فَسْخٌ، حَتَّى لَوْ عَمِلَ الْآخَرُ كَانَ ضَامِنًا لِقِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: قَالَ: أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ: أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ لِنَفْسِي فَسَكَتَ فَاشْتَرَاهَا لَا تَكُونُ لَهُ. وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ فَسَكَتَ الْمُوَكِّلُ فَاشْتَرَاهَا تَكُونُ لَهُ. ثُمَّ فَرَّقَ فَقَالَ إنَّ الْوَكِيلَ يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ إذَا عَلِمَ الْمُوَكِّلُ رَضِيَ أَمْ سَخِطَ، بِخِلَافِ الشَّرِيكِ فَإِنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ لَا يَمْلِكُ فَسْخَ الشَّرِكَةِ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ اهـ. وَهَذَا غَلَطٌ، وَقَدْ صَحَّحَ هُوَ انْفِرَادَ الشَّرِيكِ بِالْفَسْخِ وَالْمَالُ عُرُوضٌ وَالتَّعْلِيلُ الصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي التَّجْنِيسِ، فَإِنَّ أَحَدَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ لَا يَمْلِكُ تَغْيِيرَ مُوجَبِهَا إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ، وَفِي الرِّضَا احْتِمَالٌ: يَعْنِي إذَا كَانَ سَاكِتًا، وَالْمُرَادُ بِمُوجَبِهَا وُقُوعُ الْمُشْتَرَى عَلَى الِاخْتِصَاصِ.

وَلَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْخُلَاصَةِ فِي ثَلَاثَةٍ اشْتَرَكُوا شَرِكَةً صَحِيحَةً عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمْ فَخَرَجَ وَاحِدٌ إلَى نَاحِيَةٍ مِنْ النَّوَاحِي لِشَرِكَتِهِمْ فَشَارَكَ الْحَاضِرَانِ آخَرَ عَلَى أَنَّ ثُلُثَ الرِّبْحِ لَهُ وَالثُّلُثَيْنِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِلْحَاضِرَيْنِ وَثُلُثُهُ لِلْغَائِبِ فَعَمِلَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>