. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَافْتَكَّهَا تَعُودُ إلَى الْجِهَةِ، فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الِافْتِكَاكِ وَتَرَكَ قَدْرَ مَا يَفْتَكُّ بِهِ افْتَكَّ وَلَزِمَ الْوَقْفُ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً بِيعَتْ وَبَطَلَ الْوَقْفُ، وَفِي الْإِجَارَةِ إذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَآجِرَيْنِ تَبْطُلُ وَتَصِيرُ وَقْفًا.
وَأَمَّا شَرْطُهُ الْخَاصُّ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمِلْكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْإِضَافَةُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ بِهِ، أَوْ أَنْ يَلْحَقَهُ حُكْمٌ بِهِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَشْتَرِطُ سِوَى كَوْنِ الْمَحَلِّ قَابِلًا لَهُ مِنْ كَوْنِهِ عَقَارًا أَوْ دَارًا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ مُؤَبَّدًا مَقْسُومًا غَيْرَ مُشَاعٍ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَمُسَلَّمًا إلَى مُتَوَلٍّ.
وَأَمَّا رُكْنُهُ فَالْأَلْفَاظُ الْخَاصَّةُ كَأَنْ يَقُولَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ مُؤَبَّدَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَلَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ بَعْدَ شُرُوطِهِ.
وَلَا بَأْسَ أَنْ نَسُوقَ شَيْئًا مِنْ الْأَلْفَاظِ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ، أَوْ قَالَ تَصَدَّقْت بِأَرْضِي هَذِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ لَا تَكُونُ وَقْفًا بَلْ نَذْرًا يُوجِبُ التَّصَدُّقَ بِعَيْنِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا، فَإِنْ فَعَلَ خَرَجَ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ وَإِلَّا وُرِثَتْ عَنْهُ، كَمَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ أَوْ كَفَّارَةٌ فَمَاتَ بِلَا إيصَاءٍ تُورَثُ عَنْهُ، وَمَوْقُوفَةٌ فَقَطْ لَا تَصِحُّ إلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُ بِمُجَرَّدِ هَذَا اللَّفْظِ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ، وَإِذَا كَانَ مُفِيدًا لِخُصُوصِ الْمَصْرِفِ: أَعْنِي الْفُقَرَاءَ لَزِمَ كَوْنُهُ مُؤَبَّدًا؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْفُقَرَاءِ لَا تَنْقَطِعُ.
قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: وَمَشَايِخُ بَلْخَ يُفْتُونَ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَنَحْنُ نُفْتِي بِقَوْلِهِ أَيْضًا لِمَكَانِ الْعُرْفِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ رَدُّ هِلَالٍ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ بِأَنَّ الْوَقْفَ يَكُونُ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَبَطَلَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ إذَا كَانَ يَصْرِفُهُ لِلْفُقَرَاءِ كَانَ كَالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِمْ، فَلَوْ قَالَ مَوْقُوفَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ صَحَّ عِنْدَ هِلَالٍ أَيْضًا لِزَوَالِ الِاحْتِمَالِ بِالتَّنْصِيصِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ مَحْبُوسَةٌ أَوْ حَبْسٌ، وَلَوْ كَانَ فِي حَبْسِ مِثْلِ هَذَا الْعُرْفِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَقَوْلِهِ مَوْقُوفَةً، وَكَذَا إذَا قَالَ لِلسَّبِيلِ إذَا تَعَارَفُوهُ وَقْفًا مُؤَبَّدًا عَلَى الْفُقَرَاءِ كَانَ كَذَلِكَ وَإِلَّا سُئِلَ.
فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت الْوَقْفَ صَارَ وَقْفًا؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لَفْظَهُ، أَوْ قَالَ أَرَدْت مَعْنَى صَدَقَةٍ فَهُوَ نَذْرٌ فَيَتَصَدَّقُ بِهَا أَوْ بِثَمَنِهَا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَانَتْ مِيرَاثًا ذَكَرَهُ فِي النَّوَازِلِ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ جَعَلْتهَا لِلْفُقَرَاءِ إنْ تَعَارَفُوهُ وَقْفًا عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا سُئِلَ، فَإِنْ أَرَادَ الْوَقْفَ فَهِيَ وَقْفٌ أَوْ الصَّدَقَةَ فَهُوَ نَذْرٌ، وَكَذَا عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى، فَإِثْبَاتُهُ بِهِ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ أَوْلَى.
وَاعْتَرَضَهُ فِي فَتَاوَى الْخَاصِّيِّ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَذَكَرَ فِي إحْدَاهُمَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يَكُونُ مِيرَاثًا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَهُ مِيرَاثًا لَا يُنَافِي كَوْنَهُ نَذْرًا؛ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ بِهِ إذَا مَاتَ النَّاذِرُ وَلَمْ يُوَفِّ بِنَذْرِهِ يَكُونُ مِيرَاثًا إلَّا أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى تَمَامِ التَّفْصِيلِ فِي إحْدَاهُمَا، وَإِلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يَكُونُ نَذْرًا، فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ وَلَا بِقِيمَتِهِ يَكُونُ مِيرَاثًا؛ وَلَوْ قَالَ صَدَقَةً مُوَقْوِقَةً فَهِلَالٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَغَيْرُهُمَا عَلَى صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ صَدَقَةً عُرِفَ مَصْرِفُهُ، وَانْتَفَى بِقَوْلِهِ مَوْقُوفَةً احْتِمَالُ كَوْنِهِ نَذْرًا، وَكَذَلِكَ حَبْسُ صَدَقَةٍ. وَكَذَلِكَ صَدَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ. قِيلَ وَمُحَرَّمَةٌ بِمَنْزِلَةِ وَقْفٍ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ حَبْسٌ أَوْ مَحْبُوسَةٌ مَوْقُوفَةٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى مَوْقُوفَةٍ فَكَانَ كَإِفْرَادِ لَفْظِ مَوْقُوفَةٍ.
وَفِي النَّوَازِلِ: لَوْ قَالَ جَعَلْت نُزُلَ كَرْمِي وَقْفًا وَفِيهِ ثَمَرٌ أَوْ لَا يَصِيرُ الْكَرْمُ وَقْفًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ جَعَلْت غَلَّتَهُ وَقْفًا تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ مَا أَمْكَنَ كَأَنَّهُ قَالَ جَعَلْت كَرْمِي بِمَا فِيهِ وَقْفًا، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَدْخُلَ الثِّمَارُ لِمَا سَنَذْكُرُهُ؛ وَلَوْ زَادَ فَقَالَ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَخْتَلِفَ فِيهِ، كَمَا لَوْ قَالَ مَعَ