للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَا يَجُوزُ وَقْفُ مَا يُنْقَلُ وَيُحَوَّلُ) قَالَ : وَهَذَا عَلَى الْإِرْسَالِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا وَقَفَ ضَيْعَةً بِبَقَرِهَا وَأُكْرَتِهَا وَهُمْ عَبِيدُهُ جَازَ) وَكَذَا سَائِرُ آلَاتِ الْحِرَاسَةِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ فِي تَحْصِيلِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ، وَقَدْ يَثْبُتُ مِنْ الْحُكْمِ تَبَعًا مَا لَا يَثْبُتُ مَقْصُودًا كَالشُّرْبِ فِي الْبَيْعِ وَالْبِنَاءِ فِي الْوَقْفِ، وَمُحَمَّدٌ مَعَهُ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ إفْرَادُ بَعْضِ الْمَنْقُولِ بِالْوَقْفِ عِنْدَهُ فَلَأَنْ يَجُوزَ الْوَقْفُ فِيهِ تَبَعًا أَوْلَى.

(وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَجُوزُ حَبْسُ الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ) وَمَعْنَاهُ وَقْفُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَبُو يُوسُفَ مَعَهُ فِيهِ عَلَى مَا قَالُوا، وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ. وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِمَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ. الْآثَارُ الْمَشْهُورَةُ فِيهِ: مِنْهَا قَوْلُهُ «وَأَمَّا خَالِدٌ فَقَدْ حَبَسَ

الْجَوَازُ وَتُصْرَفُ غَلَّتُهَا إلَى الْفُقَرَاءِ إلَى أَنْ تُبْنَى، فَإِذَا بُنِيَتْ رُدَّتْ إلَيْهَا الْغَلَّةُ أَخْذًا مِنْ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِ فُلَانٍ وَلَا أَوْلَادَ لَهُ حَكَمُوا بِصِحَّتِهِ، وَتُصْرَفُ غَلَّتُهُ لِلْفُقَرَاءِ إلَى أَنْ يُولَدَ لِفُلَانٍ

(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ وَقْفُ مَا يُنْقَلُ وَيُحَوَّلُ) كَذَا قَالَ الْقُدُورِيُّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهَذَا عَلَى الْإِرْسَالِ) أَيْ عَلَى الْإِطْلَاقِ (قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ) ثُمَّ قَالَ الْقُدُورِيُّ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا وَقَفَ ضَيْعَةً بِبَقَرِهَا وَأُكْرَتِهَا وَهُمْ عَبِيدُهُ جَازَ) وَالْأُكْرَةُ الْحَرَّاثُونَ (وَكَذَا آلَاتُ الْحِرَاثَةِ) إذَا كَانَتْ تَبَعًا لِلْأَرْضِ يَجُوزُ (لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْأَرْضِ فِي تَحْصِيلِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ) مِنْهَا (وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ الْحُكْمِ تَبَعًا مَا لَا يَثْبُتُ مَقْصُودًا كَبَيْعِ الشُّرْبِ) وَالطَّرِيقُ لَا يَجُوزُ مَقْصُودًا وَيَجُوزُ تَبَعًا، وَهَذَا كَثِيرٌ مُسْتَغْنٍ عَنْ الْعَدِّ.

وَلَوْ مَرِضَ بَعْضُهُمْ فَتَعَطَّلَ عَنْ الْعَمَلِ إنْ كَانَ الْوَاقِفُ جَعَلَ نَفَقَتَهُمْ فِي مَالِ الْوَقْفِ وَصَرَّحَ بِهَا فَهِيَ فِي مَالِ الْوَقْفِ وَإِلَّا لَا نَفَقَةَ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فِي مَالِ الْوَقْفِ فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يَبِيعَ مَنْ عَجَزَ، وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ آخَرَ يَعْمَلُ كَمَا لَوْ قُتِلَ فَأَخَذَ دِيَتَهُ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا آخَرَ، وَلَوْ جَنَى أَحَدُهُمْ جِنَايَةً فَعَلَى الْقَيِّمِ أَنْ يَنْظُرَ، فَإِنْ كَانَ الْأَصْلَحُ دَفْعَ هَذَا الْعَبْدِ بِالْجِنَايَةِ دَفَعَهُ أَوْ فِدَاءَهُ فَدَاهُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ، وَإِذَا فَدَاهُ بِفِدْيَةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِالزِّيَادَةِ، وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْوَقْفِ مِنْ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ شَيْءٌ، فَإِنْ فَدَوْهُ كَانُوا مُتَطَوِّعِينَ (وَمُحَمَّدٌ مَعَ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ) يَعْنِي فَلَا مَعْنَى لِإِفْرَادِ أَبِي يُوسُفَ (لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ إفْرَادُ بَعْضِ الْمَنْقُولَاتِ بِالْوَقْفِ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ ، فَتَجْوِيزُهُ تَبَعًا لِلْعَقَارِ أَوْلَى وَضَمِيرُ لِأَنَّهُ لِلشَّأْنِ، أَمَّا لَوْ وَقَفَ ضَيْعَةً فِيهَا بَقَرٌ وَعَبِيدٌ لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ مِنْ الْآلَاتِ وَالْبَقَرِ وَالْعَبِيدِ فِي الْوَقْفِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَجُوزُ حَبْسُ الْكُرَاعِ) وَهِيَ الْخَيْلُ وَالسِّلَاحُ، (وَمَعْنَاهُ وَقْفُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَبُو يُوسُفَ مَعَهُ) أَيْضًا فِي ذَلِكَ (عَلَى مَا قَالُوا، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ) مِنْ شَرْطِ التَّأْبِيدِ وَالْمَنْقُولُ لَا يَتَأَبَّدُ (وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ الْآثَارُ الْمَشْهُورَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ. مِنْهَا قَوْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «بَعَثَ النَّبِيُّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى الصَّدَقَاتِ فَمَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>