. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إنْ كَانَ أَحْرَزَ لِلْغَلَّةِ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ وَاسِعًا وَلَا يُؤَجِّرَ الْوَقْفَ إجَارَةً طَوِيلَةً وَأَكْثَرُ مَا يَجُوزُ سِنِينَ، وَلَيْسَ لَهُ الْإِقَالَةُ إلَّا إنْ كَانَتْ أَصْلَحَ لِلْوَقْفِ.
وَلَوْ زَرَعَ الْوَاقِفُ أَوْ الْمُتَوَلِّي أَرْضُ الْوَقْفِ وَقَالَ زَرَعْتهَا لِنَفْسِي وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّونَ بَلْ لِلْوَقْفِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَعَلَى الْوَاقِفِ وَالْمُتَوَلِّي فِي هَذَا نُقْصَانُ الْأَرْضِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِمَا أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ، وَيَقُولُ الْقَاضِي لَهُ ازْرَعْهَا لِلْوَقْفِ، فَإِنْ قَالَ لَيْسَ لِلْوَقْفِ مَالٌ أَزْرَعُهَا بِهِ يَأْمُرُهُ بِالِاسْتِدَانَةِ لِذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ لَا يُمْكِنُنِي يَقُولُ لِأَهْلِ الْوَقْفِ اسْتَدِينُوا، فَإِنْ قَالُوا لَا يُمْكِنُنَا بَلْ نَزْرَعُ لِأَنْفُسِنَا لَا يُمَكِّنُهُمْ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ فِي يَدِ الْوَاقِفِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَلَا يُخْرِجُهُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَأْمُونٍ، ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِفُرُوعِهَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ.
وَيَنْعَزِلُ النَّاظِرُ بِالْجُنُونِ الْمُطْبِقِ إذَا دَامَ سَنَةً نَصَّ عَلَيْهِ الْخَصَّافُ لَا إنْ دَامَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ. وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ عَقْلُهُ وَبَرَأَ مِنْ عِلَّتِهِ عَادَ إلَيْهِ النَّظَرُ. وَلِلنَّاظِرِ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقُومُ بِمَا كَانَ إلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الْوَقْفِ، وَيَجْعَلَ لَهُ مِنْ جَعْلِهِ شَيْئًا، وَلَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ وَيَسْتَبْدِلَ بِهِ أَوْ لَا يَسْتَبْدِلَ، وَلَوْ جُنَّ انْعَزَلَ وَكِيلُهُ وَيَرْجِعُ إلَى الْقَاضِي فِي النَّصْبِ.
وَلَوْ أَخْرَجَ حَاكِمٌ قَيِّمًا فَمَاتَ أَوْ عُزِلَ فَتَقَدَّمَ الْمُخْرَجُ إلَى الْقَاضِي الثَّانِي بِأَنَّ ذَلِكَ الْقَاضِي أَخْرَجَهُ بِلَا جُنْحَةٍ لَا يُدْخِلْهُ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْأَوَّلِ مَحْمُولٌ عَلَى السَّدَادِ، وَلَكِنْ يُكَلِّفُهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَهْلٌ وَمَوْضِعٌ لِلنَّظَرِ فِي هَذَا الْوَقْفِ، فَإِنْ فَعَلَ أَعَادَهُ.
وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَهُ لِفِسْقٍ وَخِيَانَةٍ فَبَعْدَ مُدَّةٍ أَنَابَ إلَى اللَّهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ صَارَ أَهْلًا لِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعِيدُهُ، وَلَيْسَ عَلَى النَّاظِرِ أَنْ يَفْعَلَ إلَّا مَا يَفْعَلُهُ أَمْثَالُهُ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ بِالْمَصَالِحِ، وَيَصْرِفُ الْأَجْرَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ لِلْعَمَلَةِ بِأَيْدِيهِمْ، وَلِذَا قُلْنَا لَوْ عَمِيَ أَوْ طَرِشَ أَوْ خَرِسَ أَوْ فَلَجَ، إنْ كَانَ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ فَلَهُ الْأَجْرُ الَّذِي عَيَّنَهُ لَهُ الْوَاقِفُ؛ وَلِلنَّاظِرِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَنْ يُعْطِيَ قَوْمًا مُدَّةً وَلَهُ أَنْ يَقْطَعَهُمْ وَيُعْطِيَ غَيْرَهُمْ فَكَيْفَ لَا يَدْخُلُ كَثْرَةٌ بِحَيْثُ يُحَاصِصُونَهُمْ. وَفِي وَقْفِ الْخَصَّافِ: أَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي أَنْ لَا يُعْطِيَ غَيْرَ هَذَا الرَّجُلِ لَمْ يُعْطِ غَيْرَهُ، وَمَا لَمْ يَحْكُمْ بِذَلِكَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهُ وَيَحْرِمَهُ؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَنْفِيذُ شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَقَدْ اُسْتُبْعِدَتْ صِحَّةُ هَذَا الْحُكْمِ، وَكَيْفَ سَاغَ بِلَا شُرُوطٍ حَتَّى ظَفِرَتْ فِي الْمَسْأَلَةِ بِقُوَيْلَةٍ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ.
(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ)
وُقِفَ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ الْمَسَاكِينِ فَرَدَّ زَيْدٌ فَهُوَ لِلْمَسَاكِينِ، وَكَذَا عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَرَدَّ أَحَدُهُمَا أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَيِّتًا فَنُصِيبُهُ لِلْمَسَاكِينِ، وَكَذَا إذَا رَدَّا جَمِيعًا، وَمَنْ قَبِلَ بَعْدَ الرَّدِّ لَا يَعُودُ، وَمَنْ أَخَذَ سَنَةً لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ بَعْدَ ذَلِكَ، أَمَّا لَوْ قَالَ لَا أَقْبَلُهَا سَنَةً، وَأَقْبَلُ مَا سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَحِصَّتُهُ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ لِلْبَاقِي مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، ثُمَّ يُشَارِكُهُمْ فِيمَا بَعْدَهَا، وَلَوْ قَبِلَ سِنِينَ وَسَمَّاهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بَلْ بَعْدَهَا عَلَى وَلَدِهِ، وَقَوْلُهُ عَلَى وَلَدِ فُلَانٍ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَرَدَّهُ الْمَوْجُودُونَ صَارَ لِلْفُقَرَاءِ، فَإِذَا جَاءَ مَنْ بَعْدَهُمْ رَجَعَ مِنْ الْفُقَرَاءِ إلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَرُدُّوهُ، وَلَوْ رَدَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَقَطْ فَالْغَلَّةُ كُلُّهَا لِمَنْ قَبِلَ، وَيُجْعَلُ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ كَالْمَيِّتِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِوَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانُوا يَوْمَ مَاتَ أَرْبَعَةً فَرَدَّ وَاحِدٌ فَحِصَّتُهُ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي، وَهَذِهِ مِمَّا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَصِيَّةُ وَالْوَقْفُ، وَالْفَرْقُ ذَكَرَهُ هِلَالٌ وَغَيْرُهُ. وَعَلَى فُلَانٍ وَوَلَدِهِ فَرَدَّهُ فُلَانٌ لَمْ يُعْمَلْ رَدُّهُ فِي رَدِّ مَا لِوَلَدِهِ صِغَارًا كَانُوا أَوْ كِبَارًا.
وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ لِلْمَسَاكِينِ فَلِوَلَدِ صُلْبِهِ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى إلَّا أَنْ يَخُصَّ صِنْفًا مَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَالْكُلُّ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَقْتَ الْوَقْفِ بَلْ وَلَدُ ابْنٍ كَانَ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute