. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إذَا اشْتَرَى وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَ دَارَ الْوَقْفِ، فَإِنْ فَعَلَ وَسَكَنَهَا الْمُرْتَهِنُ ضَمِنَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ.
وَلَوْ أَنْفَقَ دَرَاهِمَ الْوَقْفِ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ ثُمَّ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ مِثْلَهَا فِي الْوَقْفِ جَازَ وَيَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ، وَلَوْ خَلَطَ دَرَاهِمَ الْوَقْفِ بِمِثْلِهَا مِنْ مَالِهِ كَانَ ضَامِنًا لِلْكُلِّ. وَلَوْ اجْتَمَعَ مَالُ الْوَقْفِ ثُمَّ نَابَتْ نَائِبَةٌ مِنْ الْكَفَرَةِ فَاحْتِيجَ إلَى مَالٍ لِدَفْعِ شَرِّهِمْ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ: مَا كَانَ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ إذَا لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ لِلْمَسْجِدِ إلَيْهِ.
وَلَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ ظُلَّةً لِدَفْعِ أَذَى الْمَطَرِ عَنْ الْبَابِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ عَلَى مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى عِمَارَتِهِ أَوْ تَرْمِيمِهِ فَلَا يَصِحُّ، وَالْأَصَحُّ مَا قَالَهُ ظَهِيرُ الدِّينِ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ وَمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ سَوَاءٌ. وَإِذَا كَانَ عَلَى عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ لَا يَشْتَرِي مِنْهُ الزَّيْتَ وَالْحَصِيرَ وَلَا يَصْرِفُ مِنْهُ لِلزِّينَةِ وَالشُّرُفَاتِ، وَيَضْمَنُ إنْ فَعَلَ، وَمَنْ وَقَفَ وَقْفًا وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مُتَوَلِّيًا حَتَّى حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ قَالُوا يَكُونُ وَصِيًّا وَقَيِّمًا، هَذَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَصَحَّ الْوَقْفُ فِي حَيَاتِهِ بِلَا تَسْلِيمٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَعَلَ لَهُ قَيِّمًا ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَأَوْصَى لَا يَكُونُ هَذَا الْوَصِيُّ قَيِّمًا فِي الْوَقْفِ.
قَيِّمُ مَسْجِدٍ مَاتَ فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ عَلَى جَعْلِ رَجُلٍ قَيِّمًا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي، فَقَامَ وَأَنْفَقَ مِنْ غَلَّاتِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ فِي عِمَارَتِهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي هَذِهِ التَّوْلِيَةِ وَالْأَصَحُّ لَا تَصِحُّ. بَلْ نَصْبُ الْقَيِّمِ إلَى الْقَاضِي لَكِنْ لَا يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ فِي الْعِمَارَةِ مِنْ غَلَّاتِهِ إذَا كَانَ أَجَّرَ الْوَقْفَ وَأَخَذَ الْغَلَّةَ فَأَنْفَقَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَصِحَّ وِلَايَتُهُ فَإِنَّهُ غَاصِبٌ، وَالْغَاصِبُ إذَا أَجَّرَ الْمَغْصُوبَ كَانَ الْأَجْرُ لَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ. كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ تَضْمِينُ غَاصِبِ الْأَوْقَافِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ وُقِفَ عَلَى أَرْبَابٍ مَعْلُومِينَ فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يُنَصِّبُوا مُتَوَلِّيًا مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ. لَكِنْ قِيلَ الْأَوْلَى أَنْ يَرْفَعُوا أَمْرَهُمْ إلَى الْقَاضِي لِيُنَصِّبَ لَهُمْ. وَقِيلَ بَلْ الْأَوْلَى فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنْ لَا يَفْعَلُوا وَيُنَصِّبُوا لَهُمْ. وَلَيْسَ لِلْمُشْرِفِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِ الْوَقْفِ بَلْ وَظِيفَتُهُ الْحِفْظُ لَا غَيْرُ، وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْعُرْفِ فِي مَعْنَى الْمُشْرِفِ، وَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُفَوِّضَ إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ كَالْوَصِيِّ لَهُ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ، إلَّا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَاقِفُ جَعَلَ لِذَلِكَ الْمُتَوَلِّي مَالًا مُسَمًّى لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِمَنْ أَوْصَى إلَيْهِ بَلْ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي إذَا تَبَرَّعَ بِعَمَلِهِ لِيُفْرَضَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ جَعَلَ ذَلِكَ لِكُلِّ مُتَوَلٍّ، وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ لِلَّذِي أَدْخَلَهُ مَا كَانَ الْوَاقِفُ جَعَلَهُ لِلَّذِي كَانَ أَدْخَلَهُ؛ لِأَنَّ لِلْوَاقِفِ فِي هَذَا مَا لَيْسَ لِلْحَاكِمِ، وَكَذَا إذَا أَخَذَ الْمُتَوَلِّي مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَمَاتَ بِلَا بَيَانٍ لَا يَضْمَنُ. فَالْأَمَانَاتُ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: هَذِهِ إحْدَاهَا.
وَالثَّانِيَةُ إذَا أَوْدَعَ السُّلْطَانُ الْغَنِيمَةَ عِنْدَ بَعْضِ الْغَانِمِينَ، وَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَ. وَالثَّالِثَةُ الْقَاضِي إذَا أَخَذَ مَالَ الْيَتِيمِ وَأَوْدَعَ غَيْرَهُ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْقَاضِي أَخَذَ مَالَ الْيَتِيمِ عِنْدَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى مَاتَ فَقَدْ ذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ.
وَلَوْ قَالَ قَبْلَ مَوْتِهِ ضَاعَ مَالُ الْيَتِيمِ عِنْدِي أَوْ أَنْفَقْته عَلَيْهِ، وَمَاتَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، أَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ ضَمِنَ. وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْمُتَوَلِّي دَارَ الْوَقْفِ، وَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيْنَ الثَّمَنُ فَإِنَّهُ يَكُونُ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ، وَلِلنَّاسِ أَنْ يَأْخُذُوا الْمُتَوَلِّيَ بِتَسْوِيَةِ حَائِطِ الْوَقْفِ إذَا مَالَ إلَى أَمْلَاكِهِمْ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ يُرْفَعُ إلَى الْقَاضِي لِيَأْمُرَ بِالِاسْتِدَانَةِ لِإِصْلَاحِهَا، وَلَهُ أَنْ يَبْنِيَ قَرْيَةً فِي أَرْضِ الْوَقْفِ لِلْأُكْرَةِ وَحُفَّاظِهَا، وَلِيَجْمَعَ فِيهَا الْغَلَّةَ وَأَنْ يَبْنِيَ بُيُوتًا يَسْتَغِلُّهَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مُتَّصِلَةً بِبُيُوتِ الْمِصْرِ لَيْسَتْ لِلزِّرَاعَةِ، فَإِنْ كَانَ زِرَاعَتُهَا أَصْلَحَ مِنْ الِاسْتِغْلَالِ لَا يَبْنِي. وَفِي النَّوَازِلِ فِي إقْرَاضِ مَا فَضَلَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute