للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِخِلَافِ النِّكَاحِ، وَقَدْ مَرَّ الْفَرْقُ هُنَاكَ.

بِخِلَافِ النِّكَاحِ) فَإِنَّهُ إذَا قَالَ زَوِّجْنِي فَقَالَ زَوَّجْتُك يَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، أَمَّا الْبَيْعُ فَإِذَا قَالَ بِعْنِيهِ بِأَلْفٍ فَقَالَ بِعْتُك لَا يَنْعَقِدُ حَتَّى يَقُولَ الْأَوَّلُ اشْتَرَيْت وَنَحْوَهُ، وَهَذَا وَنَحْوُهُ مِمَّا قَالَ الطَّحَاوِيُّ إنَّهُ يَنْعَقِدُ بِثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ. قَالَ (وَقَدْ مَرَّ الْفَرْقُ هُنَاكَ) يَعْنِي قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا تَوْكِيلٌ: يَعْنِي زَوِّجْنِي، فَإِذَا قَالَ زَوَّجْتُك كَانَ مُمْتَثِلًا أَمْرَ الْمُوَكِّلِ مُزَوِّجًا لَهُ وَوَلِيًّا لِمَنْ زَوَّجَهَا وَالْوَاحِدُ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ عَقْدِ النِّكَاحِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ.

وَقَدَّمْنَا مَنْ قَالَ إنَّ لَفْظَةَ الْأَمْرِ فِي النِّكَاحِ جُعِلَتْ إيجَابًا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يُصَرَّحُ بِالْخِطْبَةِ فِيهِ، وَطَلَبُهُ إلَّا بَعْدَ مُرَاجَعَاتٍ وَتَأَمُّلٍ وَاسْتِخَارَةٍ غَالِبًا فَلَا يَكُونُ لَفْظُ طَلَبِهِ: أَعْنِي زَوِّجْنِي مُسَاوَمَةً بَلْ تَحْقِيقًا فَاعْتُبِرَ إيجَابًا. بِخِلَافِ الْبَيْعِ لَا يَكُونُ مَسْبُوقًا بِمِثْلِ ذَلِكَ فَكَانَ الْأَمْرُ فِيهِ مُسَاوَمَةً فَلَا يَتِمُّ الْعَقْدُ بِمُجَرَّدِ جَوَابِ الْآخَرِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَتِمُّ فَرْقُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِهِ تَوْكِيلًا. وَأَمَّا الْفَرْقُ بِأَنَّ رَدَّ النِّكَاحِ بَعْدَ إيجَابِهِ يُلْحِقُ الشَّيْنَ بِالْأَوْلِيَاءِ، بِخِلَافِ رَدِّ الْبَيْعِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى جَعْلِ الْأَمْرِ فِيهِ إيجَابًا. ثُمَّ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَزِمَ امْتِنَاعُ رُجُوعِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ زَوِّجْنِي بِنْتَك قَبْلَ قَوْلِهِ زَوَّجْتُك؛ لِأَنَّهُ أَيْضًا شَيْنٌ وَانْكِسَارٌ يَلْحَقُهُمْ.

وَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ مَوَاضِعَ: مِنْهَا الْبَيْعُ، وَالْإِقَالَةُ لَا يُكْتَفَى بِالْأَمْرِ فِيهِمَا عَنْ الْإِيجَابِ. وَمِنْهَا النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ يَقَعُ فِيهِمَا إيجَابًا. الْخَامِسَةُ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ اشْتَرِ نَفْسَك مِنِّي بِأَلْفٍ فَقَالَ فَعَلْت عَتَقَ. السَّادِسَةُ فِي الْهِبَةِ قَالَ هَبْ لِي هَذَا فَقَالَ وَهَبْته مِنْك تَمَّتْ الْهِبَةُ. السَّابِعَةُ قَالَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَبْرِئْنِي عَمَّا لَك عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ فَقَالَ أَبْرَأْتُك تَمَّتْ الْبَرَاءَةُ. الثَّامِنَةُ الْكَفَالَةُ قَالَ اُكْفُلْ بِنَفْسِ فُلَانٍ لِفُلَانٍ قَالَ كَفَلْت تَمَّتْ الْكَفَالَةُ، فَإِذَا كَانَ غَائِبًا فَقَدَّمَ وَأَجَازَ كَفَالَتَهُ جَازَ. وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ الِانْعِقَادِ بِالْمُسْتَقْبَلِ هُوَ إذَا لَمْ يَتَصَادَقَا عَلَى نِيَّةِ الْحَالِ، أَمَّا إذَا تَصَادَقَا عَلَى نِيَّةِ الْبَيْعِ فِي الْحَالِ فَيَنْعَقِدُ بِهِ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الِاسْتِقْبَالِ تَحْتَمِلُ الْحَالَ فَيَثْبُتُ بِالنِّيَّةِ.

ذَكَرَهُ فِي التُّحْفَةِ فِي صِفَةِ الِاسْتِقْبَالِ مُطْلَقًا. وَفِي الْكَافِي قَصَرَ الْكَلَامَ عَلَى الْمُضَارِعِ فَقَالَ: الصَّحِيحُ مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِعَ فِي الْأَصْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>