للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَوْلُهُ رَضِيت بِكَذَا أَوْ أَعْطَيْتُك بِكَذَا أَوْ خُذْهُ بِكَذَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ بِعْت وَاشْتَرَيْت؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مَعْنَاهُ، وَالْمَعْنَى هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ،

مَوْضُوعٌ لِلْحَالِ وَوُقُوعُهُ فِي الِاسْتِقْبَالِ نَوْعُ تَجَوُّزٍ اهـ. وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ إذَا ادَّعَاهُ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةَ اللَّفْظِ، بِخِلَافِ الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ الْأَمْرُ، فَلَوْ ادَّعَى فِي قَوْلِهِ يَعْنِي أَنَّهُ أَرَادَ مَعْنَى اشْتَرَيْته بِكَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَدِّقَهُ الْقَاضِي؛ مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: أَبِيعُ مِنْك هَذَا بِكَذَا أَوْ أُعْطِيكَهُ فَقَالَ اشْتَرَيْته أَوْ آخُذُهُ وَنَوَيَا الْإِيجَابَ لِلْحَالِ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُسْتَقْبَلِ الَّذِي يَنْعَقِدُ بِهِ بِنِيَّةِ الْحَالِ هُوَ الْمُضَارِعُ وَتَسْمِيَتُهُ مُسْتَقْبَلًا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَإِلَّا فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْحَالِ، وَأَمَّا الْأَمْرُ فَلَا يُوجَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ التَّمْثِيلُ بِهِ لِذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَقْبَلُ فِي الْحَقِيقَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِخْبَارِ كَمَالُ انْقِطَاعٍ فَلَا يَتَجَوَّزُ بِهِ فِيهِ، فَلَا يُقَالُ بِعْنِيهِ وَالْمُرَادُ اشْتَرَيْته فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ إلَّا فِي قَوْلِهِ خُذْهُ بِكَذَا فَيَنْعَقِدُ لِثُبُوتِهِ الْإِيجَابَ اقْتِضَاءً، وَمِثْلُ الْأَمْرِ الْمُضَارِعُ الْمَقْرُونُ بِالسِّينِ نَحْوَ سَأَبِيعُك فَلَا يَصِحُّ بَيْعًا وَلَا يَتَجَوَّزُ بِهِ فِي مَعْنَى بِعْتُك فِي الْحَالِ.

فَإِنَّ ذِكْرَ السِّينِ يُنَاقِضُ إرَادَةَ الْحَالِ. وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ الْوَاحِدِ لَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ مَخْصُوصٌ مِنْهُ الْأَبُ يَشْتَرِي مَالَ ابْنِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ يَبِيعُ مَالَهُ مِنْهُ، وَالْوَصِيُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا اشْتَرَى لِلْيَتِيمِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ لِنَفْسِهِ مِنْهُ بِشَرْطِهِ الْمَعْرُوفِ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ، وَقَيَّدَهُ فِي نَظْمِ الزندويستي بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ نَصَّبَهُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ رَضِيت) هَذَا بِدِرْهَمٍ فَقَالَ بِعْتُكَهُ، وَقَالَ اشْتَرَيْته بِدِرْهَمٍ فَقَالَ رَضِيت أَوْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِكَذَا فَقَالَ فَعَلْت أَوْ أَجَزْت أَوْ أُخِذَتْ كُلُّ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مِنْ قِبَلِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي يَتِمُّ بِهَا الْبَيْعُ لِإِفَادَتِهَا إثْبَاتَ الْمَعْنَى وَالرِّضَا بِهِ، وَكَذَا لَفْظَةُ خُذْهُ بِكَذَا يَنْعَقِدُ بِهِ إذَا قَبِلَ بِأَنْ قَالَ أَخَذْته وَنَحْوَهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَقْبَلًا لَكِنَّ خُصُوصَ مَادَّتِهِ: أَعْنِي الْأَمْرَ بِالْأَخْذِ يَسْتَدْعِي سَابِقَةَ الْبَيْعِ فَكَانَ كَالْمَاضِي، إلَّا أَنَّ اسْتِدْعَاءَ الْمَاضِي سَبَقَ الْبَيْعَ بِحَسَبِ الْوَضْعِ وَاسْتِدْعَاءَ خُذْهُ سَبَقَهُ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ، فَهُوَ كَمَا إذَا قَالَ بِعْتُك عَبْدِي هَذَا بِأَلْفٍ فَقَالَ فَهُوَ حُرٌّ عَتَقَ، وَيَثْبُتُ اشْتَرَيْت اقْتِضَاءً، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ هُوَ حُرٌّ بِلَا فَاءٍ لَا يُعْتَقُ. وَإِنَّمَا صَحَّ بِهَذِهِ وَنَحْوِهَا (لِأَنَّهَا تُؤَدِّي مَعْنَى الْبَيْعِ، وَالْمَعْنَى هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ) أَلَا يَرَى إلَى مَا قَالُوا لَوْ قَالَ: وَهَبْتُك أَوْ وَهَبْت لَك هَذِهِ الدَّارَ أَوْ هَذَا الْعَبْدَ بِثَوْبِك هَذَا فَرَضِيَ فَهُوَ بَيْعٌ بِالْإِجْمَاعِ.

قَالُوا: إنَّمَا قَالَ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ احْتِرَازٌ عَنْ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَإِنَّ اللَّفْظَ فِيهِمَا يُقَامُ مَقَامَ الْمَعْنَى، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ إقَامَةَ اللَّفْظِ مَقَامَ الْمَعْنَى أَثَرٌ فِي ثُبُوتِ حُكْمِهِ بِلَا نِيَّةٍ لَيْسَ غَيْرُ، فَإِذَا فَارَقَتْ هَذِهِ الْعُقُودُ ذَلِكَ اقْتَضَى أَنْ لَا يَثْبُتَ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ بِلَا نِيَّةٍ فَلَا يَثْبُتُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ حُكْمُهُ إلَّا إذَا أَرَادَهُ بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ بِعْت وَأَبِيعُ فِي تَوَقُّفِ الِانْعِقَادِ بِهِ عَلَى النِّيَّةِ وَلِذَا لَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ بِعْت هَزْلًا فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْمَاضِي وَلَا يَنْعَقِدُ بِالْمُسْتَقْبَلِ، ثُمَّ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ بِهِ فِي الْمَاضِي وَغَيْرِهِ بِالنِّيَّةِ، وَلَا يَنْعَقِدُ بِالْمَاضِي وَغَيْرِهِ بِلَا نِيَّةٍ وَمِنْ الصُّوَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>