وَلِهَذَا يَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي فِي النَّفِيسِ وَالْخَسِيسِ هُوَ الصَّحِيحُ لِتَحَقُّقِ الْمُرَاضَاةِ.
لَفْظَةُ نَعَمْ تَقَعُ إيجَابًا فِي قَوْلِ الْمُسْتَفْهِمِ أَتَبِيعُنِي عَبْدَك بِأَلْفٍ؟ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ أَخَذْته فَهُوَ بَيْعٌ لَازِمٌ، وَكَذَا أَبِيعُك. وَمِنْهَا اشْتَرَيْته مِنْك بِأَلْفٍ فَقَالَ نَعَمْ أَوْ هَاتِ الثَّمَنَ انْعَقَدَ، وَكَذَا إذَا قَالَ هَذَا عَلَيْك بِأَلْفٍ فَقَالَ فَعَلْت؛ وَلَوْ قَالَ هُوَ لَك بِأَلْفٍ إنْ وَافَقَك أَوْ إنْ أَعْجَبَك، أَوْ إنْ أَرَدْت فَقَالَ وَافَقَنِي أَوْ أَعْجَبَنِي أَوْ أَرَدْت انْعَقَدَ، وَلَوْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِكَذَا بَعْدَ وُجُودِ مُقَدِّمَاتِ الْبَيْعِ فَقَالَ اشْتَرَيْت، وَلَمْ يَقُلْ مِنْك صَحَّ، وَكَذَا عَلَى الْعَكْسِ، وَكَذَا إذَا قَالَ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ إنْ أَدَّيْت ثَمَنَهُ فَقَدْ بِعْته مِنْك فَأَدَّى فِي الْمَجْلِسِ جَازَ اسْتِحْسَانًا. [فُرُوعٌ:
فِي اخْتِلَافِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ] قَالَ بِعْتُكَهُ بِأَلْفٍ فَقَالَ اشْتَرَيْته بِأَلْفَيْنِ جَازَ، فَإِنْ قَبِلَ الْبَائِعُ الزِّيَادَةَ ثُمَّ بِأَلْفَيْنِ وَالْأَصَحُّ بِأَلْفٍ إذْ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ إدْخَالِ الزِّيَادَةِ فِي مِلْكِهِ بِلَا رِضَاهُ؛ وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْته بِأَلْفَيْنِ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُكَهُ بِأَلْفٍ جَازَ كَأَنَّهُ قَبِلَ بِأَلْفَيْنِ وَحَطَّ عَنْهُ أَلْفًا، وَلَوْ سَاوَمَهُ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ بِعِشْرِينَ فَقَبَضَهُ مِنْ يَدِهِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ لَزِمَ بِعَشَرَةٍ، فَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ فَذَهَبَ بِهِ وَالْبَاقِي بِحَالِهِ فَبِعِشْرِينَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: يَلْزَمُ بِآخِرِهِمْ كَلَامًا مُطْلَقًا. وَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ بِعْتُكَهُ بِأَلْفَيْنِ فَقَالَ قَبِلْت الْأَوَّلَ بِأَلْفٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ رَجَعَ عَنْهُ، وَلَيْسَ هَكَذَا فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، فَإِنْ قَالَ قَبِلْت الْبَيْعَيْنِ جَمِيعًا بِثَلَاثَةِ آلَافٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِ قَبِلْت الْآخَرَ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ: يَعْنِي يَكُونُ الْبَيْعُ بِأَلْفَيْنِ وَالْأَلْفُ زِيَادَةٌ إنْ شَاءَ قَبِلَهَا فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا، وَكَذَا بِأَلْفٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الثَّانِي، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الثَّمَنَانِ وَالْأَوَّلُ فِي الزِّيَادَاتِ وَهُوَ أَوْجَهُ، وَإِذَا قَبِلَ الزِّيَادَةَ فِي الْمَجْلِسِ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا يَنْعَقِدُ) أَيْ وَلِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْمَعْنَى يَنْعَقِدُ (بِالتَّعَاطِي فِي النَّفِيسِ وَالْخَسِيسِ) قِيلَ النَّفِيسُ نِصَابُ السَّرِقَةِ فَصَاعِدًا وَالْخَسِيسُ مَا دُونَهُ (وَقَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ مِنْ قَوْلِ الْكَرْخِيِّ إنَّهُ إنَّمَا يَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي فِي الْخَسِيسِ فَقَطْ، وَأَرَادَ بِالْخَسِيسِ الْأَشْيَاءَ الْمُحْتَقَرَةَ كَالْبَقْلِ وَالرَّغِيفِ وَالْبِيضِ وَالْجَوْزِ اسْتِحْسَانًا لِلْعَادَةِ.
قَالَ أَبُو مُعَاذٍ: رَأَيْت سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ جَاءَ إلَى صَاحِبِ الرُّمَّانِ فَوَضَعَ عِنْدَهُ فَلْسًا، وَأَخَذَ رُمَّانَةً وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَمَضَى. وَجْهُ الصَّحِيحِ أَنَّ الْمَعْنَى وَهُوَ دَلَالَةٌ عَلَى التَّرَاضِي يَشْمَلُ الْكُلَّ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَلَا مَعْنَى لِلتَّفْصِيلِ. وَفِي الْإِيضَاحِ: هُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ فِي مَوَاضِعَ اهـ. وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ: بِعْنِي هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ فَاشْتَرَاهُ لَهُ، ثُمَّ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ فُلَانٌ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، ثُمَّ جَاءَ فُلَانٌ فَقَالَ أَنَا أَمَرْته، قَالَ يَأْخُذُهُ فُلَانٌ، فَإِنْ قَالَ لَمْ آمُرْهُ، وَقَدْ كَانَ اشْتَرَاهُ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَهُ الْمُشْتَرِي لَهُ، فَإِنْ سَلَّمَهُ وَأَخَذَهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهُ كَانَ بَيْعًا لِلَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَكَأَنَّ الْعُهْدَةَ عَلَيْهِ: أَيْ لِلْآخِذِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ التَّعَاطِي فِي النَّفِيسِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى: لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ لِلَّذِي لَهُ الْمَالُ أَعْطَيْتُك بِمَالِك دَنَانِيرَ فَسَاوَمَهُ بِالدَّنَانِيرِ، وَلَمْ يَقَعْ بَيْعٌ ثُمَّ فَارَقَهُ فَجَاءَهُ بِهَا فَدَفَعَهَا إلَيْهِ يُرِيدُ الَّذِي كَانَ سَاوَمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ فَارَقَهُ وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ بَيْعًا جَازَ هَذِهِ السَّاعَةَ، وَكَذَا لَوْ سَاوَمَ رَجُلًا بِشَيْءٍ وَلَيْسَ مَعَهُ وِعَاءٌ، ثُمَّ فَارَقَهُ وَجَاءَ بِالْوِعَاءِ فَأَعْطَاهُ الثَّمَنَ وَكَالَ لَهُ جَازَ.
وَمِنْ صُوَرِهِ إذَا جَاءَ الْمُودَعُ بِأَمَةٍ غَيْرَ الْمُودَعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute