وَهَذِهِ الْجَهَالَةُ مُفْضِيَةٌ إلَى الْمُنَازَعَةِ فَيَمْتَنِعُ التَّسْلِيمُ وَالتَّسَلُّمُ، وَكُلُّ جَهَالَةٍ هَذِهِ صِفَتُهَا تَمْنَعُ الْجَوَازَ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ
قَالَ (وَيَجُوزُ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَمُؤَجَّلٍ إذَا كَانَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا) لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى
عَلَى أَنَّهَا ثَمَنٌ، وَحِينَئِذٍ يُشْتَرَطُ الْأَجَلُ لَا لِأَنَّهَا ثَمَنٌ بَلْ لِتَصِيرَ مُلْحَقَةً بِالسَّلَمِ فِي كَوْنِهَا دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، فَلِذَا قُلْنَا إذَا بَاعَ عَبْدًا بِثَوْبٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ إلَى أَجَلٍ جَازَ. وَيَكُونُ بَيْعًا فِي حَقِّ الْعَبْدِ حَتَّى لَا يَشْتَرِطَ قَبْضَهُ فِي الْمَجْلِسِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ الدَّرَاهِمَ فِي الثَّوْبِ، وَإِنَّمَا ظَهَرَتْ أَحْكَامُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي الثَّوْبِ حَتَّى شَرَطَ فِيهِ الْأَجَلَ وَامْتَنَعَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِإِلْحَاقِهِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ عَدَدِيٍّ مُتَقَارِبٍ كَالْبَيْضِ، فَإِنْ قُوبِلَتْ بِالنُّقُودِ فَهِيَ مَبِيعَاتٌ أَوْ بِأَمْثَالِهَا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ، فَمَا كَانَ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ ثَمَنٌ، وَمَا كَانَ مُعَيَّنًا فَمَبِيعٌ، فَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُعَيَّنًا. فَمَا صَحِبَهُ حَرْفُ الْبَاءِ أَوْ لَفْظُ عَلَى كَانَ ثَمَنًا وَالْآخَرُ مَبِيعًا. وَقَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ ﵀ فِي شَهَادَاتِ الْجَامِعِ: الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَهُوَ ثَمَنٌ دَخَلَ عَلَيْهِ حَرْفُ الْبَاءِ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، فَلِذَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك كَذَا حِنْطَةً بِهَذَا الْعَبْدِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِطَرِيقِ السَّلَمِ فَيَجِبُ أَنْ يَضْرِبَ الْأَجَلَ لِلْحِنْطَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ التَّقْدِيرَ الْمَشْرُوطَ قَدْ يَكُونُ عُرْفًا كَمَا يَكُونُ نَصًّا فِي الْفَتَاوَى لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الثَّوْبَ أَوْ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ هَذِهِ الْبِطِّيخَةَ بِعَشَرَةٍ وَلَمْ يَقُلْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ يَبْتَاعُ النَّاسُ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْفُلُوسِ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فِي الدَّارِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَفِي الثَّوْبِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَفِي الْبِطِّيخَةِ بِعَشَرَةِ أَفْلُسٍ، وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَا يَبْتَاعُ النَّاسُ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَبْتَاعُ النَّاسُ بِذَلِكَ النَّقْدِ انْتَهَى.
وَحَاصِلُ هَذَا أَنَّهُ إذَا صَرَّحَ بِالْعَدَدِ فَتَعَيَّنَ الْمَعْدُودُ مِنْ كَوْنِهَا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ فُلُوسًا يَثْبُتُ عَلَى مَا يُنَاسِبُ الْمَبِيعَ، وَوَقَعَ شَكٌّ يُنَاسِبُ الْمَبِيعَ وَجَبَ أَنْ لَا يَتِمَّ الْبَيْعُ
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَمُؤَجَّلٍ) لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute