للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ وَعَنْهُ «أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ». وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ مَانِعَةٌ مِنْ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ بِالْعَقْدِ، فَهَذَا يُطَالِبُهُ بِهِ فِي قَرِيبِ الْمُدَّةِ، وَهَذَا يُسَلِّمُهُ فِي بِعِيدِهَا.

قَالَ (وَمَنْ أَطْلَقَ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ كَانَ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ)؛ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ، وَفِيهِ التَّحَرِّي لِلْجَوَازِ فَيُصْرَفُ إلَيْهِ

﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ وَمَا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بَيْعٌ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ «اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ»، وَفِي لَفْظِ الصَّحِيحَيْنِ: «طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ».

وَقَدْ سُمِّيَ هَذَا الْيَهُودِيُّ فِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ أَخْرَجَهُ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ رَهَنَ دِرْعًا عِنْدَ أَبِي الشَّحْمِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي ظُفْرٍ فِي شَعِيرٍ»، (وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ جَهَالَتَهُ تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ فِي التَّسَلُّمِ وَالتَّسْلِيمِ، فَهَذَا يُطَالِبُهُ فِي قَرِيبِ الْمُدَّةِ وَذَاكَ فِي بِعِيدِهَا) وَلِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ شَرْطِ الْأَجَلِ وَهُوَ السَّلَمُ أَوْجَبَ فِيهِ التَّعْيِينَ حَيْثُ قَالَ «مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ»، وَعَلَى كُلِّ ذَلِكَ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ، وَأَمَّا الْبُطْلَانُ فِيمَا إذَا قَالَ بِعْتُكَهُ بِأَلْفٍ حَالًّا وَبِأَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ فَلِجَهَالَةِ الثَّمَنِ، وَمِنْ جَهَالَةِ الْأَجَلِ مَا إذَا بَاعَهُ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِ الثَّمَنَ فِي بَلَدٍ آخَرَ، وَلَوْ قَالَ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ الثَّمَنَ فِي بَلَدٍ آخَرَ جَازَ بِأَلْفٍ إلَى شَهْرٍ، وَيَبْطُلُ شَرْطُ الْإِيفَاءِ فِي بَلَدٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ مَكَانِ الْإِيفَاءِ فِيمَا لَا حَمْلَ لَهُ وَلَا مُؤْنَةَ لَا يَصِحُّ، فَلَوْ كَانَ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ صَحَّ، وَمِنْهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ مَا إذَا بَاعَهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْمَبِيعَ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ فَإِنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا عَلَّلَهُ بِتَضَمُّنِهِ أَجَلًا مَجْهُولًا حَتَّى لَوْ سُمِّيَ الْوَقْفُ الَّذِي يُسْلَمُ إلَيْهِ فِيهِ الْمَبِيعُ جَازَ الْبَيْعُ.

وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَإِنَّمَا عَلَّلَهُ بِالشَّرْطِ الَّذِي لَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ

(قَوْلُهُ وَمَنْ أَطْلَقَ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ) أَيْ أَطْلَقَهُ عَنْ ذِكْرِ الصِّفَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْعَدَدِ بِأَنْ قَالَ عَشَرَةُ دَرَاهِمِ مِثْلًا (انْصَرَفَ إلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَارَفُ فَيَنْصَرِفُ) الْمُطْلَقُ (إلَيْهِ) فَإِنْ كَانَ إطْلَاقُ اسْمِ الدَّرَاهِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>