للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قَالَ وَمَنْ بَاعَ صُبْرَةَ طَعَامٍ كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ جَازَ الْبَيْعُ فِي قَفِيزٍ وَاحِدٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ جُمْلَةَ قُفْزَانِهَا وَقَالَا يَجُوزُ فِي الْوَجْهَيْنِ) لَهُ أَنَّهُ تَعَذَّرَ الصَّرْفُ إلَى الْكُلِّ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ فَيُصْرَفُ إلَى الْأَقَلِّ وَهُوَ مَعْلُومٌ، وَإِلَّا أَنْ تَزُولَ الْجَهَالَةُ بِتَسْمِيَةِ جَمِيعِ الْقُفْزَانِ أَوْ بِالْكَيْلِ فِي الْمَجْلِسِ، وَصَارَ هَذَا كَمَا لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كُلُّ دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ بِالْإِجْمَاعِ.

وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ بَاعَهُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ قَدْرَ مَا يَمْلَأُ هَذَا الطَّشْتَ جَازَ، وَلَوْ بَاعَهُ قَدْرَ مَا يَمْلَأُ هَذَا الْبَيْتَ لَا يَجُوزُ.

وَفِي الْفَتَاوَى: بِعْت مِنْك مَا لِي فِي هَذِهِ الدَّارِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ مَا فِيهَا فَهُوَ فَاسِدٌ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ؛ وَلَوْ قَالَ مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ يَسِيرَةٌ، وَإِذَا جَازَ فِي الْبَيْتِ جَازَ فِي الصُّنْدُوقِ وَالْجَوَالِقِ، وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك نَصِيبِي مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَشَرْطُ الْجَوَازِ عِلْمُ الْمُشْتَرِي بِنَصِيبِهِ دُونَ عِلْمِ الْبَائِعِ وَتَصْدِيقُ الْبَائِعِ فِيمَا يَقُولُ، وَلَوْ اشْتَرَى مَوْزُونًا بِإِنَاءٍ عَلَى أَنْ يُفْرِغَهُ وَيَزِنَ الْإِنَاءَ فَيَحُطُّ قَدْرَ وَزْنِهِ مِنْ الثَّمَنِ جَازَ، وَكَمَا تُمْنَعُ الْجَهَالَةُ السَّابِقَةُ كَذَلِكَ تُمْنَعُ اللَّاحِقَةُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَلِذَا اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا بَاعَ الْجَمْدَ الْكَائِنَ فِي الْمُجَمَّدَةِ، قِيلَ لَا يَجُوزُ حَتَّى يُسَلِّمَ أَوَّلًا، ثُمَّ يَبِيعُ، وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ مُطْلَقًا وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ إذَا سَلَّمَ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَوْ سَلَّمَ بَعْدَهَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا تَذُوبُ فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَهُوَ وَجْهُ مَنْ مَنَعَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، غَيْرَ أَنَّ النَّقْصَ قَلِيلٌ قَبْلَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ فَلِهَذَا أُهْدِرَ وَجَازَ، وَقِيلَ إنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ وَغَلَاءِ الْجَمْدِ وَرُخْصِهِ فَيَنْظُرُ إلَى مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ كَثِيرًا بِحَسَبِ الْأَوْقَاتِ فَيَجُوزُ إذَا سَلَّمَهُ قَبْلُ، وَسَيَأْتِي مِنْ هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

(قَوْلُهُ وَمَنْ بَاعَ صُبْرَةَ طَعَامٍ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ جَازَ الْبَيْعُ فِي قَفِيزٍ وَاحِدٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ) يَعْنِي أَنَّ مُوجِبَ هَذَا اللَّفْظِ وَالْإِشَارَةُ إيجَابُ الْبَيْعِ فِي وَاحِدٍ عِنْدَهُ، وَيَتَوَقَّفُ فِي الْبَاقِي إلَى تَسْمِيَةِ الْكُلِّ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ كَيْلِهِ فِيهِ فَيَثْبُتُ حِينَئِذٍ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ رَضِيَ هَلْ يَلْزَمُ الْبَيْعُ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَوْ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهِ أَيْضًا، رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا، وَرَوَى مُحَمَّدٌ خِلَافَهُ حَتَّى لَوْ فَسَخَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ بَعْدَ الْكَيْلِ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِأَخْذِ الْكُلِّ لَا يَعْمَلُ فَسْخُهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، ثُمَّ إذَا جَازَ فِي قَفِيزٍ وَاحِدٍ فَلِلْمُشْتَرِي فِيهِ الْخِيَارُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ دُونَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ بِسَبَبِ عَدَمِ تَسْمِيَتِهِ جُمْلَةَ الْقُفْزَانِ (وَلَهُ أَنَّهُ تَعَذَّرَ صَرْفُ الْبَيْعِ إلَى الْكُلِّ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ) وَلَا جَهَالَةَ فِي الْقَفِيزِ فَلَزِمَ فِيهِ، وَإِذَا زَالَتْ بِالتَّسْمِيَةِ أَوْ الْكَيْلِ فِي الْمَجْلِسِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ كَمَا إذَا ارْتَفَعَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ بِالرُّؤْيَةِ إذْ الْمُؤْثِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>