للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَهُمَا أَنَّ الْجَهَالَةَ بِيَدِهِمَا إزَالَتُهَا وَمِثْلُهَا غَيْرُ مَانِعٍ، وَكَمَا إذَا بَاعَ عَبْدًا مِنْ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ. ثُمَّ إذَا جَازَ فِي قَفِيزٍ وَاحِدٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ،

فِي الْأَصْلِ ارْتِفَاعُ الْجَهَالَةِ بَعْدَ لَفْظِ الْعَقْدِ وَكَوْنُهُ بِالرُّؤْيَةِ مُلْغًى، بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَجْلِسِ لِتَقَرُّرِ الْمُفْسِدِ وَمَا فِي الْمُحِيطِ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّ عِنْدَهُ يَصِحُّ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ الْمَجْلِسِ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْمَجْلِسِ كَالثَّابِتِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ، وَلَا يَلْزَمُ إسْقَاطُ خِيَارِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْمَجْلِسِ، وَكَذَا زَوَالُ جَهَالَةِ الْأَجَلِ الْمَجْهُولِ بَعْدَهُ حَيْثُ يَجُوزُ الْعَقْدُ بِزَوَالِ الْمُفْسِدِ بَعْدَ الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ فِيهِمَا لَمْ يَتَمَكَّنْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ فَلَا يَتَقَيَّدُ رَفْعُ الْمُفْسِدِ بِالْمَجْلِسِ، وَهَذَا لِأَنَّ أَثَرَ الْفَسَادِ فِيهِمَا لَا يَظْهَرُ فِي الْحَالِ بَلْ يَظْهَرُ عِنْدَ دُخُولِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَامْتِدَادِ الْأَجَلِ.

وَأَمَّا مَا أُورِدَ مِنْ أَنَّ الْجَهَالَةَ وَإِنْ كَانَتْ ثَابِتَةً لَكِنَّهَا لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ؛ لِأَنَّ بَعْدَ الْعِلْمِ بِأَنَّ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ لَا يَتَفَاوَتُ الْحَالُ بَيْنَ كَوْنِ الْقُفْزَانِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا، فَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُفْسِدَ هُنَا جَهَالَةُ الثَّمَنِ كَمِّيَّةً خَاصَّةً وَقَدْرًا لِعَدَمِ الْإِشَارَةِ وَلَا مُعَرَّفَ شَرْعًا لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْجَوَابُ بِمَنْعِ كَوْنِهَا غَيْرَ مُفْضِيَةٍ إلَى الْمُنَازَعَةِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ يَطْلُبُ الْمُشْتَرِيَ بِتَسْلِيمِهِ الثَّمَنَ، وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ فَيَتَنَازَعَانِ فَتَهَافُتٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُطَالِبَهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَكِيلَهُ لِيَعْرِفَ الْقَدْرَ الَّذِي يُطَالِبُ بِهِ، إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُطَالِبَهُ إلَّا بِكَمِّيَّةٍ خَاصَّةٍ مُشَارٍ إلَيْهَا أَوْ مَضْبُوطَةِ الْوَزْنِ، وَحِينَئِذٍ يَعْلَمُهَا الْمُشْتَرِي فَيَقْدِرُ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَلَوْ امْتَنَعَ بَعْدَ هَذَا التَّقْدِيرِ كَانَ مَطْلًا لِلْمُنَازَعَةِ الْمُفْسِدَةِ (وَلَهُمَا أَنَّ هَذِهِ جَهَالَةٌ بِيَدِهِمَا إزَالَتُهَا) بِأَنْ يَكِيلَا فِي الْمَجْلِسِ، وَالْجَهَالَةُ الَّتِي هِيَ كَذَلِكَ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ كَبَيْعِ عَبْدٍ مِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ عَلَى أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>