وَبَيْعُ قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ يَجُوزُ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ فَلَا تُفْضِي الْجَهَالَةُ إلَى الْمُنَازَعَةِ فِيهِ، وَتَقْضِي إلَيْهَا فِي الْأَوَّلِ فَوَضَحَ الْفَرْقُ
قَالَ (وَمَنْ ابْتَاعَ صُبْرَةَ طَعَامٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ قَفِيزٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَوَجَدَهَا أَقَلَّ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَوْجُودَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ) لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّمَامِ، فَلَمْ يَتِمَّ رِضَاهُ بِالْمَوْجُودِ، وَإِنْ وَجَدَهَا أَكْثَرَ فَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ وَالْقَدْرُ لَيْسَ بِوَصْفٍ
(وَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عَشْرَةُ أَذْرُعٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ
عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَيَوَانَاتِ بِأَنْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْقَطِيعَ كُلُّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمِ وَلَمْ يُبَيِّنْ عَدَدَ الْغَنَمِ وَلَا الذِّرَاعَيْنِ وَلَا جُمْلَةَ الثَّمَنِ فَسَدَ فِي الْكُلِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، أَمَّا إذَا سَمَّى أَحَدَهُمَا فَيَصِحُّ بِالِاتِّفَاقِ لِلْعِلْمِ بِتَمَامِ الثَّمَنِ مُطَابَقَةً أَوْ الْتِزَامًا فِيمَا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى بَيَانِ عَدَدِ الْقَطِيعِ، وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ فِي الْكُلِّ لِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْجَهَالَةَ بِيَدِهِمَا إزَالَتُهَا وَعِنْدَهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْوَاحِدِ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ جَهَالَةِ كُلِّ الثَّمَنِ وَإِلْغَاءِ كَوْنِ ارْتِفَاعِهَا بِيَدِهِمَا غَيْرَ أَنَّ الْآحَادَ هُنَا مُتَفَاوِتَةٌ فَلَمْ يَنْقَسِمْ الثَّمَنُ عَلَى الْجُمْلَةِ بِالْإِجْزَاءِ فَتَقَعُ الْمُنَازَعَةُ فِي تَعْيِينِ ذَلِكَ الْوَاحِدِ فَفَسَدَ فِي الْكُلِّ، وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ شَاةً أَوْ عَشَرَةً مِنْ مِائَةٍ أَوْ بِطِّيخَةً أَوْ عَشْرًا مِنْ وَقْرِ بِطِّيخٍ كَانَ بَاطِلًا.
وَأَمَّا الْجَوَازُ فِيمَا إذَا عَزَلَهَا وَذَهَبَ وَالْبَائِعُ سَاكِتٌ فَبِالتَّعَاطِي عَلَى مَا قَدَّمْنَا قَالَ الْعَتَّابِيُّ: إنَّ ذَلِكَ فِي ثَوْبٍ يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ، أَمَّا فِي الْكِرْبَاسِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ عِنْدَهُ فِي ذِرَاعٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي الطَّعَامِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ كُلُّ مَعْدُودٍ مُتَفَاوِتٍ كَحِمْلِ بِطِّيخٍ كُلُّ بِطِّيخَةٍ بِفَلْسٍ وَالرُّمَّانُ وَالسَّفَرْجَلُ وَالْخَشَبُ وَالْأَوَانِي وَالرَّقِيقُ وَالْإِبِلُ. وَلَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ بَيَّنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَا فِي الدَّارِ، وَهَذَا غَيْرُ الْأَلْيَقِ بِأَصْلِهِ الْمَذْكُورِ فِي الْخِلَافِيَّةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ اشْتَرَى الْعِنَبَ كُلُّ وَقْرٍ بِكَذَا، وَالْوَقْرُ عِنْدَهُ مَعْرُوفٌ، إذَا كَانَ الْعِنَبُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ فِي وَقْرٍ وَاحِدٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي بَيْعِ الصُّبْرَةِ كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، وَإِنْ كَانَ الْعِنَبُ أَجْنَاسًا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ أَصْلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَقَطِيعِ الْغَنَمِ، وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ جِنْسًا وَاحِدًا فِي كُلِّ الْعِنَبِ كُلُّ وَقْرٍ بِمَا قَالَ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْجِنْسُ مُخْتَلِفًا فَكَذَا أَوْرَدَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ، وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ جَعَلَ الْجَوَابَ بِالْجَوَازِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعِنَبُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلَفًا فِيهِ.
ثُمَّ قَالَ الْفَقِيهُ: وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا تَيْسِيرًا لِلْأَمْرِ عَلَى النَّاسِ انْتَهَى، وَتَفْرِيعُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ أَوْجَهُ
(قَوْلُهُ وَمَنْ ابْتَاعَ صُبْرَةَ طَعَامٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ قَفِيزٍ) مَثَلًا (بِمِائَةٍ) تَعَلَّقَ الْعَقْدُ عَلَى ذَلِكَ الْكَيْلِ الْمُسَمَّى بِعَيْنِهِ حَتَّى لَوْ وُجِدَتْ نَاقِصَةً (كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، إنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَوْجُودَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ)؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَنْقَسِمُ بِالْأَجْزَاءِ عَلَى أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ الْمِثْلِيِّ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، (فَإِنْ شَاءَ فَسْخَ الْبَيْعَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ) الْوَاحِدَةِ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْخُلَاصَةُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ (وَإِنْ وَجَدَهَا زَائِدَةً فَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ) لَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute