وَلَوْ اشْتَرَى عِدْلًا عَلَى أَنَّهُ عَشْرَةُ أَثْوَابٍ فَإِذَا هُوَ تِسْعَةٌ أَوْ أَحَدَ عَشَرَ فَسَدَ الْبَيْعُ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ (وَلَوْ بَيَّنَ لِكُلِّ ثَوْبٍ ثَمَنًا جَازَ فِي فَصْلِ النُّقْصَانِ بِقَدْرِهِ وَلَهُ الْخِيَارُ، وَلَمْ يَجُزْ فِي الزِّيَادَةِ) لِجَهَالَةِ الْعَشَرَةِ الْمَبِيعَةِ.
وَقَدْ يُقَالُ إنَّ تَعْيِينَ جُمْلَةِ ذُرْعَانِ الدَّارِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بَيْعَ الشَّائِعِ؛ لِأَنَّ بِهِ يُعْرَفُ نِسْبَةُ الْعَشَرَةِ مِنْ الْكُلِّ أَنَّهَا بِالْعُشْرِ، وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي تَعْيِينِهِ؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ أَذْرُعٍ لَا يَتَفَاوَتُ مِقْدَارُهَا بِتَعْيِينِ الْكُلِّ وَعَدَمِهِ. وَقَدْ يُقَالُ فَائِدَتُهُ لَا تَتَعَيَّنُ فِي ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يُرْفَعَ بِهِ الْفَسَادُ، فَإِنَّ بَيْعَ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ ثَوْبٍ لَا يَجُوزُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا عَلَى قَوْلِهِمَا عَلَى تَخْرِيجِ طَائِفَةٍ مِنْ الْمَشَايِخِ، وَعَلَى قَوْلِ آخَرِينَ يَجُوزُ لِأَنَّهَا جَهَالَةٌ بِيَدِهِمَا إزَالَتُهَا فَيُذْرَعُ الْكُلُّ فَيُعْرَفُ نِسْبَةُ الْعَشَرَةِ، وَصُحِّحَ هَذَا بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُمَا مِنْ بَيْعِ صُبْرَةٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدُ يَرَى الرَّأْيَ الْأَوَّلَ.
وَلَمَّا وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْجَامِعِ فِي عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ مِائَةِ ذِرَاعٍ ظَهَرَ أَنَّ مَا قَالَ الْخَصَّافُ مِنْ أَنَّ الْفَسَادَ عِنْدَهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ جُمْلَةُ الذُّرْعَانِ؛ وَأَمَّا إذَا عُرِفَ جُمْلَتُهَا فَالْبَيْعُ عِنْدَهُ صَحِيحٌ غَيْرُ وَاقِعٍ مِنْ جِهَةِ الرِّوَايَةِ، وَكَذَا مِنْ جِهَةِ الدِّرَايَةِ فَإِنَّ الْفَسَادَ عِنْدَهُ لِلْجَهَالَةِ كَمَا قُلْنَا، وَبِمَعْرِفَةِ قَدْرِ جُمْلَةِ الْمَبِيعِ لَا تَنْتَفِي الْجَهَالَةُ عَنْ الْبَعْضِ الَّذِي بِيعَ مِنْهُ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِمَا فِيمَا إذَا بَاعَ ذِرَاعًا أَوْ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ، وَلَمْ يُسَمِّ جُمْلَتَهَا فَقِيلَ عَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ صِحَّتَهُ عَلَى قَوْلِهِمَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ جُزْءٌ شَائِعٌ مَعْلُومُ النِّسْبَةِ مِنْ الْكُلِّ، وَذَلِكَ فَرْعُ مَعْرِفَةِ جُمْلَتِهَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّهَا جَهَالَةٌ بِأَيْدِيهِمَا إزَالَتُهَا بِأَنْ تُقَاسَ كُلُّهَا فَيُعْرَفُ نِسْبَةُ الذِّرَاعِ أَوْ الْعَشَرَةِ مِنْهَا فَيُعْلَمُ قَدْرُ الْمَبِيعِ
(قَوْلُهُ وَمَنْ بَاعَ عِدْلًا) صُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ بِعْتُك مَا فِي هَذَا الْعِدْلِ عَلَى أَنَّهُ عَشْرَةُ أَثْوَابٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مَثَلًا، وَلَمْ يُفَصِّلْ لِكُلِّ ثَوْبٍ ثَمَنًا بَلْ قَالَ الْمَجْمُوعُ بِالْمَجْمُوعِ (فَإِذَا هُوَ تِسْعَةٌ أَوْ أَحَدَ عَشَرَ فَسَدَ الْبَيْعُ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ) فِي صُورَةِ الزِّيَادَةِ لِمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ قَرِيبٍ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الثَّوْبِ وَالذِّرَاعِ الَّذِي صَارَ أَصْلًا مِنْ وَجْهٍ (وَالثَّمَنُ) فِي صُورَةِ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَا يَنْقَسِمُ أَجْزَاؤُهُ عَلَى حَسَبِ أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ الْقِيَمِيِّ وَالثِّيَابِ مِنْهُ فَلَمْ يُعْلَمْ لِلثَّوْبِ الذَّاهِبِ حِصَّةً مَعْلُومَةً مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى لِيُنْقِصَ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْهُ فَكَانَ النَّاقِصُ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرًا مَجْهُولًا فَيَصِيرُ الثَّمَنُ مَجْهُولًا (وَلَوْ) كَانَ (فَصَّلَ لِكُلِّ ثَوْبٍ ثَمَنًا) بِأَنْ قَالَ كُلُّ ثَوْبٍ بِعَشَرَةٍ (جَازَ) الْبَيْعُ (فِي فَصْلِ النُّقْصَانِ بِقَدْرِهِ) أَيْ بِمَا سِوَى قَدْرِ النَّاقِصِ لِعَدَمِ الْجَهَالَةِ لَكِنْ مَعَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ (وَلَمْ يَجُزْ فِي الزِّيَادَةِ)؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ الْمَبِيعِ لَا تَرْتَفِعُ فِيهِ لِوُقُوعِ الْمُنَازَعَةِ فِي تَعْيِينِ الْعَشَرَةِ الْمَبِيعَةِ مِنْ الْأَحَدَ عَشَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute