للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَاحِدًا عَلَى أَنَّهُ عَشْرَةُ أَذْرُعٍ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَإِذَا هُوَ عَشْرَةٌ وَنِصْفٌ أَوْ تِسْعَةٌ وَنِصْفٌ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَأْخُذُهُ بِعَشْرَةٍ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَأْخُذُهُ بِتِسْعَةٍ إنْ شَاءَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَأْخُذُهُ بِأَحَدَ عَشَرَ إنْ شَاءَ، وَفِي الثَّانِي يَأْخُذُ بِعَشْرَةٍ إنْ شَاءَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ : يَأْخُذُ فِي الْأَوَّلِ بِعَشْرَةٍ وَنِصْفٍ إنْ شَاءَ، وَفِي الثَّانِي بِتِسْعَةٍ وَنِصْفٍ وَيُخَيَّرُ)؛ لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ

ذَلِكَ شَرْطًا فَاسِدًا فِي الْقَبُولِ فِي الْآخَرِ، بِخِلَافِ مَا إذْ كَانَ مَعْدُومًا بِذَاتِهِ وَوَصْفِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ حِينَئِذٍ دَاخِلًا فِي الْعَقْدِ حَتَّى يَكُونَ قَبُولُهُ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْعَقْدِ فِي الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ فَيَجْعَلُ ذَلِكَ غَلَطًا، فَلَمَّا لَمْ يُجْعَلْ شَرْطًا لَمْ يَفْسُدْ الْعَقْدُ فِي الْآخَرَ.

فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ مَحَطَّ الْفَرْقِ فِي اعْتِبَارِ الْغَلَطِ وَعَدَمِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ اعْتِبَارَ الْغَلَطِ إنَّمَا يَتَأَتَّى مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ إنَّمَا أَوْجَبَ فِي تِسْعَةٍ؛ وَلَكِنَّهُ عَبَّرَ عَنْهَا بِعَشَرَةٍ غَلَطًا، فَالْمُشْتَرِي لَمَّا قَبِلَ فِي عَشَرَةٍ مَا كَانَ غَالِطًا فَمَا تَلَاقَى الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، كَمَا لَوْ عَزَلَ تِسْعَةَ أَثْوَابٍ مِنْ الْعَشَرَةِ وَقَالَ بِعْتُك هَذِهِ التِّسْعَةَ فَقَالَ قَبِلْت فِي الْعَشَرَةِ لَا يَتِمُّ الْعَقْدُ فِي التِّسْعَةِ وَلَا الْعَشَرَةِ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَى غَلَطِهِ أَنَّهُ قَصَدَ الْإِيجَابَ فِي عَشَرَةٍ وَلَيْسَ فِي الْوَاقِعِ إلَّا تِسْعَةٌ لَمْ يُفْسِدْ الصِّحَّةَ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَعْدُومٌ وَقَدْ جَعَلَ قَبُولَ الْعَقْدِ فِيهِ شَرْطًا لِقَبُولِهِ فِي التِّسْعَةِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ جَادٌّ فِي اعْتِقَادِ قِيَامِ الْعَشَرَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ فَأَحْرَى أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بَاطِلًا كَمَا ذَكَرَ فِيمَنْ بَاعَ كُرًّا مِنْ حِنْطَةٍ وَلَيْسَ فِي مِلْكِهِ حِنْطَةٌ الْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَلِأَنَّهُ بَاعَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ.

وَفِي الْمُحِيطِ: رَوَى قَاضِي الْحَرَمَيْنِ أَنَّ الْعَقْدَ فَاسِدٌ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، وَفِيهِ أَبِيعُك هَذِهِ الْحِنْطَةَ عَلَى أَنَّهَا أَقَلَّ مِنْ كُرٍّ فَوَجَدَهَا كَذَلِكَ جَازَ، إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَإِنْ وَجَدَهَا كُرًّا أَوْ أَكْثَرَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَكَذَا إذَا قَالَ عَلَى أَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ كُرٍّ فَوَجَدَهَا كَذَلِكَ، وَإِنْ وَجَدَهَا كُرًّا أَوْ دُونَهُ فَفَاسِدٌ، وَلَوْ قَالَ كُرًّا أَوْ كُرَّيْنِ جَازَ كَيْفَ مَا كَانَ غَيْرَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْأَقَلِّ، كَمَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنَّهَا كُرٌّ، وَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى عِنَبًا فِي كَرْمٍ مُعَيَّنٍ عَلَى أَنَّهُ كَذَا وَكَذَا مَنًّا، وَكَذَا فِي الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ انْتَهَى. وَوَجْهُ الْفَسَادِ فِي الْأَكْثَرِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ الزَّائِدِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْأَقَلِّ مِنْ الْكُرِّ وَالْأَكْثَرِ مِنْهُ مِقْدَارٌ مُعَيَّنٌ لِيُعْرَفَ الزَّائِدُ عَلَيْهِ فَيُرَدُّ إلَى الْبَائِعِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ كُرًّا أَوْ كُرَّيْنِ، وَلَا وَجْهَ لِلرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ بَاعَ صُبْرَةً بِشَرْطِ أَنْ لَا تَبْلُغَ الْمِقْدَارَ الْفُلَانِيَّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَاحِدًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمِ فَإِذَا هُوَ عَشَرَةٌ وَنِصْفٌ أَوْ تِسْعَةٌ وَنِصْفٌ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ بِعَشَرَةٍ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي أَخَذَهُ بِتِسْعَةٍ إنْ شَاءَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : فِي الْأَوَّلِ يَأْخُذُ بِأَحَدَ عَشَرَ إنْ شَاءَ، وَفِي الثَّانِي بِعَشَرَةٍ إنْ شَاءَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ : وَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَأْخُذُهُ بِعَشَرَةٍ وَنِصْفٍ إنْ شَاءَ، وَفِي الثَّانِي بِتِسْعَةٍ وَنِصْفٍ وَيُخَيَّرُ) وَجْهُ قَوْلِهِ (إنَّ مِنْ ضَرُورَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>