وَلِأَنَّ الْفَسَادَ بِاعْتِبَارِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ، فَإِذَا أَجَازَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَتَّصِلْ الْمُفْسِدُ بِالْعَقْدِ، وَلِهَذَا قِيلَ: إنَّ الْعَقْدَ يَفْسُدُ بِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ، وَقِيلَ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا ثُمَّ يَرْتَفِعُ الْفَسَادُ بِحَذْفِ الشَّرْطِ، وَهَذَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ.
(وَلَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا جَازَ
وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ نَصًّا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْبَيْعَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمُشْتَرِي وَأَثْبَتَ لِلْبَائِعِ حَقَّ الْفَسْخِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ حَقُّ الْفَسْخِ فِي الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى بِحَسَبِ الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ إلَّا عَدَمَ الْفَسَادِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَى أَنْ يَدْخُلَ الرَّابِعُ فَيَثْبُتُ الْفَسَادُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَحَقِيقَةُ الْقَوْلَيْنِ لَا فَسَادَ قَبْلَ الرَّابِعِ بَلْ مَوْقُوفٌ، وَلَا يَتَحَقَّقُ الْخِلَافُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَرْضُ أَنَّ الْفَسَادَ ثَابِتٌ عَلَى وَجْهٍ شَرْعًا بِإِسْقَاطِهِ خِيَارَ الرَّابِعِ قَبْلَ مَجِيئُهُ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ: يَنْعَقِدُ فَاسِدًا ثُمَّ يَرْتَفِعُ الْفَسَادُ بِحَذْفِ الشَّرْطِ. وَقَوْلُهُ وَهَذَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: يَعْنِي قَوْلَهُ أَسْقَطَ الْمُفْسِدَ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ وَهُوَ كَالْقَلْبِ، فَإِنَّ التَّعْلِيلَ هُوَ الَّذِي يَنْبَنِي عَلَى الْأَصْلِ لَا أَنَّ أَصْلَ الْقَاعِدَةِ يَنْبَنِي عَلَى التَّعْلِيلِ. وَالْجَوَابُ عَنْ الْمَسَائِلِ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا لِزُفَرَ أَنَّ الْفَسَادَ فِيهَا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ الْمَبِيعِ وَهُوَ الْبَدَلُ فَلَمْ يُمْكِنْ رَفْعُهُ وَهُنَا فِي شَرْطِهِ، وَكَمَا يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ جَائِزًا إذَا أَسْقَطَ الْخِيَارَ قَبْلَ مُضِيِّ الثَّلَاثِ كَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَحْدَثَ بِهِ مَا يُوجِبُ لُزُومَ الْبَيْعِ يَنْقَلِبُ جَائِزًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا جَازَ) وَالْمُنْتَفِعُ بِهَذَا الشَّرْطِ هُنَا هُوَ الْبَائِعُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute