للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ كَانَ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ لَهُ أَنْ يَرَهُمَا جَمِيعًا.

وَلَوْ مَاتَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَلِوَارِثِهِ أَنْ يَرُدَّ أَحَدَهُمَا؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ خِيَارُ التَّعْيِينِ لِلِاخْتِلَاطِ، وَلِهَذَا لَا يَتَوَقَّفُ فِي حَقِّ الْوَارِثِ. وَأَمَّا خِيَارُ الشَّرْطِ لَا يُورَثُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ.

لِأَنَّ الْمَعِيبَ مَحَلٌّ لِابْتِدَاءِ الْبَيْعِ أَيْضًا، بِخِلَافِ الْهَالِكِ لَيْسَ مَحَلًّا لِابْتِدَائِهِ فَلَيْسَ مَحَلًّا لِتَعْيِينِهِ، وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا فَقَبَضَهُمَا فَأَحَدُهُمَا مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَالْآخَرُ أَمَانَةٌ، وَلَوْ مَاتَا جَمِيعًا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، بِخِلَافِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نِصْفَ ثَمَنِ كُلٍّ. فَإِنْ قِيلَ: مِنْ أَيْنَ يَتَعَيَّنُ الْمَعِيبُ لِلْبَيْعِ دُونَ الْأَمَانَةِ وَأَحَدُهُمَا لَا عَلَى التَّعْيِينِ مَبِيعٌ كَمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا لَا عَلَى التَّعْيِينِ أَمَانَةٌ وَامْتِنَاعُ الرَّدِّ لِلْعَيْبِ الْمُعَلَّلِ بِهِ فَرْعُ اعْتِبَارٍ أَنَّهُ هُوَ الْمَبِيعُ وَفِيهِ التَّحَكُّمُ. إذْ اعْتِبَارُ أَنَّهُ الْمَبِيعُ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِهِ الْأَمَانَةَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ اعْتِبَارَهُ الْمَبِيعَ عَمَلٌ بِالدَّلِيلِ الْحَادِثِ وَهُوَ الْبَيْعُ فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِإِيجَابِ الضَّمَانِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْغَنِيِّ فِي مُخْتَلِفَاتِهِ. وَأَمَّا عَدَمُ الضَّمَانِ عَلَى الْأَمِينِ فَبِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ. فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ يَضْمَنُ الْآخَرُ إذَا هَلَكَ ثَانِيًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَقْبُوضٌ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ؟ الْجَوَابُ بِمَنْعِ أَنَّهُ كَتِلْكَ بَلْ الْمَقْبُوضُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حَقِيقَةِ الشِّرَاءِ لِأَحَدِهِمَا، وَلَيْسَ هُنَا شَيْءٌ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ مَا عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ لَا يُنْجَزُ فِيهِ عَقْدٌ بَلْ تَعَيُّنُ الثَّمَنِ فَقَطْ وَهُنَا تُنْجَزُ تَمَامُ الْعَقْدِ فَلَزِمَ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ قَبْضَ الْعَيْنَيْنِ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا غَيْرُ عَيْنٍ مَبِيعًا وَأَحَدَهُمَا غَيْرُ عَيْنٍ أَمَانَةً، فَإِذَا فُرِضَ وُجُودِ مَا يُعَيِّنُ الْمَبِيعَ مِنْهُمَا مِنْ الْأَسْبَاب تُعِيِّنَ الْآخَرُ لِلْأَمَانَةِ. فَإِنْ قِيلَ: لِأَيِّ شَيْءٍ انْعَكَسَ حُكْمُ طَلَاقِ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ وَعِتْقُ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ هُنَا حَيْثُ يَتَعَيَّنُ لِلطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ الْبَاقِي لَا الْهَالِكُ وَهُنَا يَتَعَيَّنُ الْهَالِكُ لِلْبَيْعِ؟ أَجَابَ عَلِيٌّ الْقُمِّيُّ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْحَاصِلِ؛ لِأَنَّ الْهَالِكَ يَهْلِكُ عَلَى مِلْكِهِ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا، غَيْرَ أَنَّهُ إذَا هَلَكَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ عَلَى مِلْكِهِ تَعَيَّنَ الْبَاقِي بِالضَّرُورَةِ لِلطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، فَإِذَا هَلَكَ الْعَبْدُ هُنَا عَلَى مِلْكِهِ تَعَيَّنَ الْبَاقِي لِلْأَمَانَةِ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ حَقِيقَةَ السُّؤَالِ أَنَّهُ لِأَيِّ شَيْءٍ جُعِلَ الْهَالِكُ هُنَا هُوَ الْمَحَلُّ لِلتَّصَرُّفِ دُونَ الْبَاقِي، وَهُنَاكَ جُعِلَ الْمَحَلُّ لِلتَّصَرُّفِ الْبَاقِي دُونَ الْهَالِكِ مَعَ التَّصَرُّفِ فِي الْكُلِّ فِي الْأَحَدِ الدَّائِرِ بَيْنَ الْمُعَيَّنَاتِ، فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَرْقِ، وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ هُنَا لَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلرَّدِّ بِالْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَاهُ مِنْ الْمُخْتَلِفَاتِ فَتَعَيَّنَ الْعَقْدُ فِيهِ بِتَعَيُّنِ الْبَاقِي لِلضَّرُورَةِ، وَحِينَ أَشْرَفَتْ الزَّوْجَةُ وَالْعَبْدُ عَلَى الْهَلَاكِ لَمْ يَخْرُجَا عَنْ كَوْنِهِمَا مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، هُوَ التَّصَرُّفُ فَتَعَيَّنَ الْبَاقِي لَهُمَا ضَرُورَةً، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَشْرَةٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>