عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بَاعَ أَرْضًا لَهُ بِالْبَصْرَةِ مِنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقِيلَ لِطَلْحَةَ: إنَّك قَدْ غُبِنْت، فَقَالَ: لِي الْخِيَارُ؛ لِأَنِّي اشْتَرَيْت مَا لَمْ أَرَهُ. وَقِيلَ لِعُثْمَانَ: إنَّك قَدْ غُبِنْت، فَقَالَ: لِي الْخِيَارُ؛ لِأَنِّي بِعْت مَا لَمْ أَرَهُ. فَحَكَّمَا بَيْنَهُمَا جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ ". فَقَضَى بِالْخِيَارِ لِطَلْحَةَ، وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ﵃.
ثُمَّ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ بَلْ يَبْقَى إلَى أَنْ يُوجَدَ مَا يُبْطِلُهُ، وَمَا يُبْطِلُ خِيَارَ الشَّرْطِ مِنْ تَعَيُّبٍ أَوْ تَصَرُّفٍ يُبْطِلُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ، ثُمَّ إنْ كَانَ تَصَرُّفًا لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ كَالْإِعْتَاقِ
لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ. وَالثَّانِي مَا أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ " أَنَّ طَلْحَةَ ﵁ اشْتَرَى مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ﵁ مَالًا، فَقِيلَ لِعُثْمَانَ: إنَّك قَدْ غُبِنْت، فَقَالَ عُثْمَانُ: لِي الْخِيَارُ، لِأَنِّي بِعْت مَا أَرَهُ، وَقَالَ طَلْحَةُ ﵁: لِي الْخِيَارُ؛ لِأَنِّي اشْتَرَيْت مَا لَمْ أَرَهُ، فَحَكَّمَا بَيْنَهُمَا جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ ﵃ فَقَضَى أَنَّ الْخِيَارَ لِطِلْحَةٍ وَلَا خِيَارَ لِعُثْمَانَ ".
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا يَكُونُ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ﵃؛ لِأَنَّ قَضِيَّةً يَجْرِي فِيهَا التَّخَالُفُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَبِيرَيْنِ ثُمَّ إنَّهُمَا حَكَّمَا فِيهَا غَيْرَهُمَا فَالْغَالِبُ عَلَى الظَّنِّ شُهْرَتُهَا وَانْتِشَارُ خَبَرِهَا فَحِينَ حَكَمَ جُبَيْرٌ بِذَلِكَ وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ خِلَافُهُ كَانَ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا ظَاهِرًا
(قَوْلُهُ ثُمَّ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ غَيْرُ مُوَقَّتٍ) بِوَقْتٍ خِلَافًا لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الْمَشَايِخِ مِنْ أَنَّهُ مُؤَقَّتٌ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ بِقَدْرِ مَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الْفَسْخِ، فَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْفَسْخِ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ فَلَمْ يَفْسَخْ بَطَلَ خِيَارُهُ وَلَزِمَ الْبَيْعُ فِيهِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّتُ (بَلْ يَبْقَى إلَى أَنْ يُوجَدَ مَا يُبْطِلُهُ، وَ) يُبْطِلُهُ (مَا يُبْطِلُ خِيَارَ الشَّرْطِ مِنْ تَعَيُّبٍ) يَعْنِي بَعْدَ الرُّؤْيَةِ (أَوْ تَصَرُّفٍ يُبْطِلُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ) بِقَيْدِ تَفْصِيلٍ نَذْكُرُهُ فِي التَّصَرُّفِ لَا مُطْلَقًا فَلِذَا وَصَلَهُ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ إنْ كَانَ تَصَرُّفًا لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ) لِلْمُتَصَرِّفِ (كَالْإِعْتَاقِ) لِلْعَبْدِ الَّذِي اشْتَرَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute