للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَالَ: وَمَنْ نَظَرَ إلَى وَجْهِ الصُّبْرَةِ، أَوْ إلَى ظَاهِرِ الثَّوْبِ مَطْوِيًّا أَوْ إلَى وَجْهِ الْجَارِيَةِ أَوْ إلَى وَجْهِ الدَّابَّةِ وَكَفَلِهَا فَلَا خِيَارَ لَهُ) وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ رُؤْيَةَ جَمِيعِ الْمَبِيعِ غَيْرُ مَشْرُوطٍ لِتَعَذُّرِهِ فَيَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ.

الرِّضَا، وَصَرِيحُ الرِّضَا قَبْلَ الرُّؤْيَةِ لَا يُبْطِلُ الْخِيَارَ فَبِدَلَالَتِهِ أَوْلَى، وَيُبْطِلُهُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ لِوُجُودِ دَلَالَةِ الرِّضَا.

وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ وَمَا يُبْطِلُ خِيَارَ الشَّرْطِ يُبْطِلُهُ مُقَيَّدًا بِالتَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ سَقَطَ الِاعْتِرَاضُ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَبِالْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ، فَإِنَّهُمَا إذَا وُجِدَا مِنْ الْمُشْتَرِي الَّذِي لَهُ خِيَارُ الشَّرْطِ يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَلَا يَبْطُلُ بِهِمَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، بَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ يَرُدَّ الدَّارَ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ دَلَالَةَ الرِّضَا لَا تَعْمَلُ فِي إسْقَاطِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ ثُمَّ فِي التَّصَرُّفِ الَّذِي تَعَلَّقَ فِيهِ حَقُّ الْغَيْرِ لَوْ عَادَ إلَى مِلْكِهِ بِرَدٍّ بِقَضَاءٍ أَوْ بِفَكِّ الرَّهْنِ أَوْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ ثُمَّ رَآهُ لَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ سَقَطَ فَلَا يَعُودُ إلَّا بِسَبَبٍ جَدِيدٍ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ بِظَاهِرِ النَّصِّ تَقَدَّمَ وُجُوبُ تَخْصِيصِهِ فَكَانَتْ هَذِهِ الرُّؤْيَةُ الْكَائِنَةُ بَعْدَ الْعَوْدِ مِنْ مُحَالِ التَّخْصِيصِ.

وَمِمَّا يُسْقِطُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ أَنْ يَقْبِضَهُ إذَا رَآهُ لِدَلَالَةِ الْقَبْضِ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ عَلَى الرِّضَا بِهِ

(قَوْلُهُ وَمَنْ نَظَرَ إلَى وَجْهِ الصُّبْرَةِ أَوْ إلَى ظَاهِرِ الثَّوْبِ مَطْوِيًّا أَوْ إلَى وَجْهِ الْجَارِيَةِ إلَخْ) وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ رُؤْيَةَ جَمِيعِ أَجْزَاءِ (الْمَبِيعِ غَيْرُ مَشْرُوطٍ) فِي انْتِفَاءِ ثُبُوتِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ (لِتَعَذُّرِهِ) عَادَةً وَشَرْعًا، وَإِلَّا لَجَازَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى عَوْرَةِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ اللَّذَيْنِ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَهُمَا، وَلَزِمَ فِي صِحَّةِ بَيْعِ الصُّبْرَةِ النَّظَرُ إلَى كُلِّ حَبَّةٍ مِنْهَا، وَلَا قَائِلَ بِذَلِكَ فَيَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ، فَإِذَا رَآهُ جَعَلَ غَيْرَ الْمَرْئِيِّ تَبَعًا لِلْمَرْئِيِّ، فَإِذَا سَقَطَ الْخِيَارُ فِي الْأَصْلِ سَقَطَ فِي التَّبَعِ.

إذَا عُرِفَ هَذَا انْبَنَى عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ نَظَرَ إلَى وَجْهِ الْجَارِيَةِ أَوْ الْعَبْدِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَرَأَى الْبَاقِيَ فَلَا خِيَارَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَأْي بَطْنَهُمَا أَوْ ظَهْرَهُمَا وَسَائِرَ أَعْضَائِهِمَا إلَّا الْوَجْهَ فَإِنَّ لَهُ الْخِيَارَ إذَا رَأَى وَجْهَهُمَا؛ لِأَنَّ سَائِرَ الْأَعْضَاءِ فِي الْإِمَاءِ وَالْعَبِيدِ تَبَعٌ لِلْوَجْهِ وَلِذَا تَتَفَاوَتُ الْقِيمَةُ إذَا فُرِضَ تَفَاوُتُ الْوَجْهِ مَعَ تَسَاوِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ.

وَفِي الدَّوَابِّ يُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ الْوَجْهِ وَالْكَفَلِ؛ لِأَنَّهُمَا الْمَقْصُودَانِ فَيَسْقُطُ بِرُؤْيَتِهِمَا وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>