وَلَوْ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ أَشْيَاءُ، فَإِنْ كَانَ لَا تَتَفَاوَتُ آحَادُهَا كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَعَلَامَتُهُ أَنْ يَعْرِضَ بِالنَّمُوذَجِ يَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ وَاحِدٍ مِنْهَا إلَّا إذَا كَانَ الْبَاقِي أَرْدَأَ مِمَّا رَأَى فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ. وَإِنْ كَانَ تَتَفَاوَت آحَادُهَا كَالثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَالْجَوْزُ وَالْبَيْضُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ لِكَوْنِهَا مُتَقَارِبَةً. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: النَّظَرُ إلَى وَجْهِ الصُّبْرَةِ كَافٍ؛ لِأَنَّهُ يَعْرِفُ وَصْفَ الْبَقِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مَكِيلٌ يُعْرَضُ بِالنَّمُوذَجِ، وَكَذَا النَّظَرُ إلَى ظَاهِرِ الثَّوْبِ مِمَّا يَعْلَمُ بِهِ الْبَقِيَّةَ إلَّا إذَا كَانَ فِي طَيِّهِ مَا يَكُونُ مَقْصُودًا كَمَوْضِعِ الْعَلَمِ، وَالْوَجْهُ هُوَ الْمَقْصُودُ فِي الْآدَمِيِّ، وَهُوَ وَالْكَفَلُ فِي الدَّوَابِّ فَيُعْتَبَرُ رُؤْيَةِ الْمَقْصُودِ وَلَا يُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ غَيْرِهِ. وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ رُؤْيَةَ الْقَوَائِمِ.
وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀.
يَسْقُطُ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهِمَا مِنْهَا وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ مَا لَمْ يَرَ قَوَائِمَهَا. وَنَقَلَ صَاحِبُ الْأَجْنَاسِ عَنْ الْمُجَرَّدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الدَّابَّةِ إذَا رَأَى عُنُقَهَا أَوْ سَاقَهَا أَوْ فَخِذَهَا أَوْ جَنْبَهَا أَوْ صَدْرَهَا لَيْسَ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ.
وَإِنْ رَأَى حَوَافِرَهَا أَوْ نَاصِيَتَهَا فَلَهُ الْخِيَارُ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَكْفِي الْوَجْهُ اعْتِبَارًا بِالْعَبْدِ.
وَفِي رِوَايَةِ الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: يُعْتَبَرُ فِي الدَّوَابِّ عُرْفُ التُّجَّارِ (فَإِنْ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ أَشْيَاءُ، فَإِنْ كَانَتْ الْآحَادُ لَا تَتَفَاوَتُ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَعَلَامَتُهُ) أَيْ عَلَامَةُ مَا لَا يَتَفَاوَتُ آحَادُهُ (أَنْ يَعْرِضَ بِالنَّمُوذَجِ فَيَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ وَاحِدٍ مِنْهَا) فِي سُقُوطِ الْخِيَارِ (إلَّا إذَا كَانَ الْبَاقِي أَرْدَأَ مِمَّا رَأَى حِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ) يَعْنِي خِيَارَ الْعَيْبِ لَا خِيَارَ الرُّؤْيَةِ ذَكَرَهُ فِي الْيَنَابِيعِ. وَفِي الْكَافِي: إذَا كَانَ أَرْدَأَ لَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِالصِّفَةِ الَّتِي رَآهَا لَا بِغَيْرِهَا وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُفِيدُ أَنَّهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَهُوَ مُقْتَضَى سَوْقِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ خِيَارُ عَيْبٍ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ اخْتِلَافُ الْبَاقِي يُوَصِّلُهُ إلَى حَدِّ الْعَيْبِ وَخِيَارُ رُؤْيَةٍ إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ لَا يُوَصِّلُهُ إلَى اسْمِ الْمَعِيبِ بَلْ الدُّونِ.
وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى ذَكَرَ لَهُ الْبَائِعُ بِهِ عَيْبًا ثُمَّ أَرَاهُ الْمَبِيعَ فِي الْحَالِ (وَإِنْ كَانَ آحَادُهُ مُتَفَاوِتَةً كَالثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ وَالْعَبِيدِ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ لَكِنْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا): أَعْنِي رُؤْيَةَ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ (وَالْجَوْزُ وَالْبِيضُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فِيمَا ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ) قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ لِكَوْنِهَا مُتَقَارِبَةً) وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْمُجَرَّدِ هُوَ الْأَصَحُّ. ثُمَّ السُّقُوطُ بِرُؤْيَةِ الْبَعْضِ فِي الْمَكِيلِ إذَا كَانَ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي وِعَاءَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ اخْتَلَفُوا، فَمَشَايِخُ الْعِرَاقِ عَلَى أَنَّ رُؤْيَةَ أَحَدِهِمَا كَرُؤْيَةِ الْكُلِّ، وَمَشَايِخُ بَلْخٍ لَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ كُلِّ وِعَاءٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِرُؤْيَةِ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهُ يَعْرِفُ حَالَ الْبَاقِيَ، هَذَا إذَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّ مَا فِي الْوِعَاءِ الْآخَرِ مِثْلُهُ أَوْ أَجْوَدُ، أَمَّا إذَا كَانَ أَرْدَأَ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَفَاوَتُ آحَادُهُ كَالْبِطِّيخِ وَالرُّمَّانِ فَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهَا فِي سُقُوطِ خِيَارِهِ فِي الْبَاقِي، وَلَوْ قَالَ رَضِيت وَأَسْقَطْت خِيَارِي، وَفِي شِرَاءِ الرَّحَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute