للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَكُلُّ مَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ فِي عَادَةِ التُّجَّارِ فَهُوَ عَيْبٌ)؛ لِأَنَّ التَّضَرُّرَ بِنُقْصَانِ الْمَالِيَّةِ، وَذَلِكَ بِانْتِقَاصِ الْقِيمَةِ وَالْمَرْجِعُ فِي مَعْرِفَتِهِ عُرْفُ أَهْلِهِ.

(وَالْإِبَاقُ وَالْبَوْلُ فِي الْفِرَاشِ وَالسَّرِقَةُ فِي الصَّغِيرِ عَيْبٌ مَا لَمْ يَبْلُغْ، فَإِذَا بَلَغَ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِعَيْبٍ حَتَّى يُعَاوِدَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ) وَمَعْنَاهُ: إذَا ظَهَرَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ فِي صِغَرِهِ ثُمَّ حَدَثَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي صِغَرِهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ ذَلِكَ، وَإِنْ حَدَثَتْ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَمْ يَرُدَّهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُهُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ سَبَبَ هَذِهِ

كَأَنْ تَعَيَّبَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ آخَرَ أَوْ لِحَقِّ الشَّرْعُ بِأَنْ جَنَى جِنَايَةً.

وَلِذَا قُلْنَا: إنَّ مَنْ اشْتَرَى بَقَرَةً فَحَلَبَهَا وَشَرِبَ لَبَنَهَا ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ عَيْبٌ لَا يَرُدُّهَا؛ لِأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ الَّتِي أَتْلَفَهَا جُزْءٌ مَبِيعٌ لَا أَنَّهَا تَبَعٌ مَحْضٌ.

[فَرْعٌ]

لَوْ صَالَحَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَنْ حَقِّ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ عَلَى مَالٍ يَجُوزُ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي وَجْهٍ، وَفِي وَجْهٍ لَا يَجُوزُ، وَالِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِهِ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ.

(قَوْلُهُ وَكُلُّ مَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ) الَّذِي اُشْتُرِيَ بِهِ (فِي عَادَةِ التُّجَّارِ فَهُوَ عَيْبٌ) وَهَذَا ضَابِطُ الْعَيْبِ الَّذِي يُرَدُّ بِهِ. وَهَذَا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِتَضَرُّرِ الْمُشْتَرِي وَمَا يُوجِبُ نُقْصَانَ الثَّمَنِ يَتَضَرَّرُ بِهِ، وَالْمَرْجِعُ فِي كَوْنِهِ عَيْبًا أَوْ لَا لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ وَهُمْ التُّجَّارُ أَوْ أَرْبَابُ الصَّنَائِعِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ الْمَصْنُوعَاتِ.

وَبِهَذَا قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، وَسَوَاءٌ كَانَ يُنْقِصُ الْعَيْنَ أَوْ لَا يُنْقِصُهَا وَلَا يُنْقِصُ مَنَافِعَهَا بَلْ مُجَرَّدُ النَّظَرِ إلَيْهَا كَالظُّفْرِ الْأَسْوَدِ الصَّحِيحِ الْقَوِيِّ عَلَى الْعَمَلِ. وَكَمَا فِي جَارِيَةٍ تُرْكِيَّةٍ لَا تَعْرِفُ لِسَانَ التَّرْكِ.

(قَوْلُهُ وَالْإِبَاقُ وَالْبَوْلُ فِي الْفِرَاشِ وَالسَّرِقَةُ عَيْبٌ فِي الصَّغِيرِ) وَقَوْلُهُ (مَا لَمْ يَبْلُغْ) بِمَعْنَى مُدَّةِ عَدَمِ بُلُوغِهِ يَجْرِي مَجْرَى الْبَدَلِ مِنْ الصَّغِيرِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ عَيْبًا فِي الصَّغِيرِ فَظَهَرَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ وُجِدَتْ أَيْضًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي الصِّغَرِ أَنْ يَرُدَّهُ بِهِ. ثُمَّ قَالَ الْقُدُورِيُّ (فَإِذَا بَلَغَ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِعَيْبٍ حَتَّى يُعَاوِدَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ) وَقَدْ أَعْطَى الْمُصَنِّفُ مَعْنَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ حَيْثُ قَالَ (وَمَعْنَاهُ) أَيْ مَعْنَى قَوْلِهِ فَإِذَا بَلَغَ إلَى آخِرِهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ عِنْدَ الْبَائِعِ فِي صِغَرِهِ وَوُجِدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبُلُوغِ لَمْ يَرُدَّهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ ذَلِكَ الَّذِي كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَبَيَّنَهُ (بِأَنَّ سَبَبَ هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>