للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَالَ: وَالْبَخَرُ وَالدَّفْرُ عَيْبٌ فِي الْجَارِيَةِ)؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ قَدْ يَكُونُ الِاسْتِفْرَاشَ وَطَلَبَ الْوَلَدِ وَهُمَا يُخِلَّانِ بِهِ، وَلَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْغُلَامِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الِاسْتِخْدَامُ وَلَا يُخِلَّانِ بِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ دَاءٍ؛ لِأَنَّ الدَّاءَ عَيْبٌ (وَالزِّنَا وَوَلَدُ الزِّنَا عَيْبٌ فِي الْجَارِيَةِ دُونَ الْغُلَامِ)؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ فِي الْجَارِيَةِ وَهُوَ الِاسْتِفْرَاشُ وَطَلَبُ الْوَلَدِ، وَلَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ فِي الْغُلَامِ وَهُوَ الِاسْتِخْدَامُ

لَا تُرَدُّ.

وَفِي الْمُحِيطِ: تَكَلَّمُوا فِي مِقْدَارِ الْجُنُونِ، قِيلَ هُوَ عَيْبٌ وَإِنْ كَانَ سَاعَةً. وَقِيلَ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَهُوَ عَيْبٌ، وَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَمَا دُونَهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ، وَقِيلَ الْمُطْبِقُ عَيْبٌ وَمَا لَيْسَ بِمُطْبِقٍ لَيْسَ بِعَيْبٍ.

وَالسَّرِقَةُ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ عَيْبٌ. وَقِيلَ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ نَحْوُ فَلْسٍ أَوْ فَلْسَيْنِ وَنَحْوُهُ لَيْسَ عَيْبًا، وَالْعَيْبُ فِي السَّرِقَةِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ الْمَوْلَى أَوْ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا فِي الْمَأْكُولَاتِ، فَإِنَّ سَرِقَتَهَا لِأَجْلِ الْأَكْلِ مِنْ الْمَوْلَى لَيْسَتْ عَيْبًا وَمِنْ غَيْرِهِ عَيْبٌ، وَسَرِقَتُهَا لِلْبَيْعِ مِنْ الْمَوْلَى وَغَيْرِهِ عَيْبٌ، وَنَقْبُ الْبَيْتِ عَيْبٌ وَإِنْ لَمْ يُسْرَقْ مِنْهُ، وَإِبَاقُ مَا دُونَ السَّفَرِ عَيْبٌ بِلَا خِلَافٍ. وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ خُرُوجُهُ مِنْ الْبَلَدِ؟ فَقِيلَ شَرْطٌ، فَلَوْ أَبَقَ مِنْ مَحَلَّةٍ إلَى مَحَلَّةٍ لَا يَكُونُ عَيْبًا، وَمِنْ الْقَرْيَةِ إلَى مِصْرَ إبَاقٌ وَكَذَا عَلَى الْعَكْسِ.

وَلَوْ أَبَقَ مِنْ غَاصِبِهِ إلَى الْمَوْلَى فَلَيْسَ بِعَيْبٍ، وَلَوْ أَبَقَ مِنْهُ وَلَمْ يَرْجِعْ إلَى الْمَوْلَى وَلَا إلَى الْغَاصِبِ، فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ مَنْزِلَ مَوْلَاهُ وَيَقْوَى عَلَى الرُّجُوعِ إلَيْهِ فَهُوَ عَيْبٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ أَوْ لَا يَقْدِرُ فَلَا.

(قَوْلُهُ وَالدَّفْرُ إلَخْ) هَذِهِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءِ عَيْبٌ فِي الْجَارِيَةِ وَلَيْسَتْ عَيْبًا فِي الْغُلَامِ: الْبَخَرُ، وَالدَّفْرُ، وَالزِّنَا، وَوَلَدُ الزِّنَا؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ قَدْ يُرَادُ مِنْهَا الِاسْتِفْرَاشُ وَهَذِهِ الْمَعَانِي تَمْنَعُ مِنْهُ فَكَانَتْ عَيْبًا، بِخِلَافِ الْغُلَامِ فَإِنَّهُ لِلِاسْتِخْدَامِ خَارِجَ الْبَيْتِ وَهَذِهِ لَيْسَتْ مَانِعَةً مِنْهُ فَلَا يُعَدُّ عَيْبًا، إلَّا إذَا كَانَ الْبَخَرُ وَالدَّفْرُ مِنْ دَاءٍ فَيَكُونُ عَيْبًا فِي الْغُلَامِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الدَّاءَ عَيْبٌ. وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فَاحِشًا لَا يَكُونُ مِثْلُهُ فِي عَامَّةِ النَّاسِ فَيَكُونُ عَيْبًا.

وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: الدَّفْرُ لَيْسَ عَيْبًا فِي الْجَارِيَةِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَفْحُشَ فَيَكُونَ عَيْبًا فِيهَا دُونَهُ، وَقِيلَ إذَا كَانَ الْعَبْدُ أَمْرَدَ يَكُونُ الْبَخَرُ عَيْبًا بِهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ أَمْرَدَ وَغَيْرَهُ. وَالدَّفْرُ: نَتْنُ رِيحِ الْإِبْطِ، يُقَالُ رَجُلٌ أَدْفَرُ وَامْرَأَةٌ دَفْرَاءُ، وَمِنْهُ لِلسَّبِّ يُقَالُ يَا دَفَارُ مَعْدُولٌ عَنْ دَافِرَةٍ، وَيُقَالُ شَمَمْت دَفْرَ الشَّيْءِ وَدَفَرَهُ بِسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا كُلُّ ذَلِكَ وَالدَّالُ مُهْمَلَةٌ وَأَمَّا بِإِعْجَامِ الدَّالِ فَبِفَتْحِ الْفَاءِ لَا غَيْرَ وَهُوَ حِدَّةٌ مِنْ طِيبٍ أَوْ نَتْنٍ، وَرُبَّمَا خُصَّ بِهِ الطِّيبُ فَقِيلَ مِسْكٌ أَذْفَرْ ذَكَرَهُ فِي الْجَمْهَرَةِ، وَفِيهَا وَصَفَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْعَرَبِ شَيْخًا فَقَالَتْ: ذَهَبَ ذَفَرُهُ وَأَقْبَلَ بَجَرُهُ.

قِيلَ الرِّوَايَةُ هُنَا وَالسَّمَاعُ بِالدَّالِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ

وَالْبُجْرُ بِالْجِيمِ عَيْبٌ، وَهُوَ انْتِفَاخٌ تَحْتَ السُّرَّةِ وَمِنْهُ سُمِّيَ بَعْضُ النَّاسِ أَبْجَرَ، وَفِي الصَّحَابَةِ غَالِبُ بْنُ أَبْجَرَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>