. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تُوَجَّهَ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ، بَلْ لَا يَرْجِعُ إلَّا إلَى قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ أَوْ النِّسَاءِ، فَظَهَرَ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي النِّهَايَةِ مِنْ لُزُومِ دَعْوَى الدَّاءِ أَوْ الْحَبَلِ فِي دَعْوَى انْقِطَاعِ الْحَيْضِ، ثُمَّ إنَّهُ يُحْتَاجُ فِي تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ إلَى قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ أَوْ النِّسَاءِ لَيْسَ تَقْرِيرَ مَا فِي الْكِتَابِ، بَلْ مَا ذَكَرَهُ مَشَايِخُ آخَرُونَ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ خَطَؤُهُمْ.
وَكَذَا مَا ذَكَرَ غَيْرُهُ مَنْ جَعَلَ هَذِهِ وِزَانَ الْمُشْتَرَاةِ بِكْرًا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لَيْسَتْ بِكْرًا وَقَالَ الْبَائِعُ بِكْرٌ فِي الْحَالِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُرِيهَا النِّسَاءَ، فَإِنْ قُلْنَ هِيَ بِكْرٌ لَزِمَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ يَمِينِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُنَّ تَأَيَّدَتْ بِمُؤَيِّدٍ هُوَ أَنَّ الْأَصْلَ الْبَكَارَةُ، وَإِنْ قُلْنَ هِيَ ثَيِّبٌ لَا يَثْبُتُ حَقُّ الْفَسْخِ بِشَهَادَتَيْنِ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ لَقَدْ سَلَّمْتهَا بِحُكْمِ الْبَيْعِ وَهِيَ بِكْرٌ إنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ حَلَفَ أَنَّهَا بِكْرٌ غَيْرُ مُوَافِقٍ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ هُنَا يُوجِبُ حَقَّ الْخُصُومَةِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا حَتَّى يَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَيَقْضِي بِالنُّكُولِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَالْعَتَّابِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَفِي الْبَكَارَةِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ النِّسَاءِ، وَكَيْفَ وَلَا طَرِيقَ إلَى اسْتِعْلَامِ الِانْقِطَاعِ إلَّا قَوْلُهَا، بِخِلَافِ الْبَكَارَةِ لَهَا طَرِيقٌ تُسْتَعْلَمُ بِهِ فَلَا يُرْجَعُ فِيهَا إلَى قَوْلِهَا.
وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ هُوَ الصَّحِيحُ إنْ كَانَ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا تُرَدُّ قَبْلَ الْقَبْضِ بِقَوْلِهَا مَعَ شَهَادَةِ الْقَابِلَةِ، وَمَا ذَكَرْنَا عَنْ مُحَمَّدٍ فَغَيْرُ مُنَاسِبٍ، فَإِنَّ مَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي دَعْوَى الْبَكَارَةِ وَالرَّتْقِ وَالْقَرَنِ وَقِيَاسُ هَذِهِ عَلَيْهَا غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ النِّسَاءِ، وَقَوْلُ النِّسَاءِ هُنَا إنَّهَا مُنْقَطِعَةُ الْحَيْضِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الِانْقِطَاعِ الْكَائِنِ عَيْبًا لَا تُقْبَلُ إذْ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ، وَتَرْتِيبُ الْخُصُومَةِ عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَاضِي خَانْ وَالْعَتَّابِيِّ وَهُوَ مَا صَحَّحْنَاهُ أَنْ يَدَّعِيَ الِانْقِطَاعَ فِي الْحَالِ وَوُجُودَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ، فَإِنْ اعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِهِمَا رُدَّتْ عَلَيْهِ.
وَإِنْ أَنْكَرَ وُجُودَهُ عِنْدَهُ وَاعْتَرَفَ بِالِانْقِطَاعِ فِي الْحَالِ اُسْتُخْبِرَتْ الْجَارِيَةُ، فَإِنْ ذَكَرَتْ أَنَّهَا مُنْقَطِعَةٌ اتَّجَهَتْ الْخُصُومَةُ فَيُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَا وُجِدَ عِنْدَهُ، فَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ تُرَدُّ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ نُكُولُ الْبَائِعِ، وَلَوْ اعْتَرَفَ بِوُجُودِهِ عِنْدَهُ وَأَنْكَرَ الِانْقِطَاعَ فِي الْحَالِ فَاسْتُخْبِرَتْ فَأَنْكَرَتْ الِانْقِطَاعَ، وَالْغَرَضُ أَنْ لَا تُقْبَلَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِيهِ فَقَدْ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ بِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ الِانْقِطَاعَ فِي الْحَالِ لَا يُسْتَحْلَفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيُسْتَحْلَفُ عِنْدَهُمَا، وَيَجِبُ كَوْنُ الِاسْتِحْلَافِ عَلَى الْعِلْمِ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهَا مُنْقَطِعَةٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ نَكَلَ اتَّجَهَتْ الْخُصُومَةُ وَإِنْ حَلَفَ تَعَذَّرَتْ، وَلَعَمْرِي قَلَّمَا يَحْلِفُ كَذَلِكَ إلَّا وَهُوَ بَارٌّ، وَمِنْ أَيْنَ لَهُ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَمْ تَحِضْ، وَكَأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي النِّهَايَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ هُوَ فِي صُورَةِ الْخُصُومَةِ، وَأَمَّا عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي الِانْقِطَاعِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ أَيْضًا، وَهَذَا تَعْدَادٌ لِلْعُيُوبِ عِدَّةُ الْجَارِيَةِ عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ عَيْبٌ لَا عَنْ بَائِنٍ وَالنِّكَاحُ عَيْبٌ فِيهِمَا، وَكَثْرَةُ الْخَيَلَانِ وَحُمْرَةُ الشَّعْرِ إذَا فَحُشَتْ بِحَيْثُ يَضْرِبُ إلَى الْبَيَاضِ.
وَكَذَا الشَّمَطُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ دَلِيلُ الدَّاءِ وَفِي أَوَانِهِ دَلِيلُ الْكِبَرِ، وَالْعَشَا أَنْ لَا يُبْصِرَ لَيْلًا، وَالسِّنُّ السَّاقِطَةُ ضِرْسًا أَوْ غَيْرَهُ وَسَوَادُهُ وَسَوَادُ الظُّفْرِ، وَالْعُسْرُ وَهُوَ أَنْ يَعْمَلَ بِيَسَارِهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ الْعَمَلَ بِيَمِينِهِ، بِخِلَافِ أَعْسَرُ يَسْرٌ وَهُوَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِمَا مَعًا فَإِنَّهُ زِيَادَةُ حُسْنٍ، وَالْقَشْمُ وَهُوَ يُبُوسَةُ الْجِلْدِ وَتَشَنُّجٌ فِي الْأَعْضَاءِ وَالْغَرَبُ وَهُوَ وَرَمٌ فِي الْأَمَاقِي وَرُبَّمَا يَسِيلُ مِنْهُ شَيْءٌ فَيَصِيرُ صَاحِبُهُ كَصَاحِبِ الْجُرْحِ السَّائِلِ، وَالْحَوَلُ وَالْحَوَصُ نَوْعٌ مِنْهُ، وَالشَّتَرُ وَهُوَ انْقِلَابُ الْجَفْنِ وَبِهِ سُمِّيَ الْأَشْتَرُ، وَالظَّفَرُ هُوَ بَيَاضٌ يَبْدُو فِي إنْسَانِ الْعَيْنِ وَجَرَبِ الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا، وَالشَّعْرُ وَالْقَبَل فِي الْعَيْنِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ يَصِفُ خَيْلًا:
تَرَاهُنَّ يَوْمَ الرَّوْعِ كَالْحِدَإِ الْقَبَلِ
وَالْمَاءُ فِي الْعَيْنِ وَالسَّبَلُ، وَالسُّعَالُ الْقَدِيمُ إذَا كَانَ عَنْ دَاءٍ، فَأَمَّا الْقَدْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute