وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَمْنُوعَةٌ. .
وَلَوْ سَرَقَ فِي يَدِ الْبَائِعِ ثُمَّ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَقُطِعَ بِهِمَا عِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ كَمَا ذَكَرْنَا
وَبَطَلَتْ الْمَالِيَّةُ فَظَهَرَ أَثَرُهُ فِي نَقْضِ الْقَبْضِ فَيَرْجِعُ كَمَا ذَكَرْنَا (وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ) مَوْتِ الْحَامِلِ (مَمْنُوعَةٌ) عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، بَلْ يَرْجِعُ عَلَى قَوْلِهِ بِكُلِّ الثَّمَنِ قَالَهُ الْقَاضِيَانِ أَبُو زَيْدٍ وَفَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ الْخِلَافُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ الْأَصْلِ اسْتِدْلَالًا بِمَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي الْأَمَةِ الْمَغْصُوبَةِ إذَا حَبِلَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ ثُمَّ رُدَّتْ فَوَلَدَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ وَمَاتَتْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا فَكَذَلِكَ هُنَا عِنْدَهُ وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ.
وَإِنْ سَلَّمْنَا فَنَقُولُ: الْمَوْجُودُ فِي يَدِ الْبَائِعِ الْعُلُوقُ، وَإِنَّمَا يُوجِبُ انْفِصَالَ الْوَلَدِ لَا الْهَلَاكَ وَلَا يُفْضِي إلَيْهِ غَالِبًا بَلْ الْغَالِبُ السَّلَامَةُ فَلَيْسَ هُنَا وُجُوبٌ يُفْضِي إلَى الْوُجُودِ فَهُوَ نَظِيرُ مَوْتِ الزَّانِي مِنْ الْجَلْدِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّتِهِ أَنْ يَرُدَّهَا كَمَا أَخَذَهَا وَلَمْ يُوجَدْ فَصَارَ كَمَا لَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَهُنَا الْحَبَلُ لَا يَمْنَعُ مِنْ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ إنْ تَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَبَبٍ كَانَ الْهَلَاكُ بِهِ مُسْتَحَقًّا عِنْدَ الْبَائِعِ فَيُنْتَقَضُ قَبْضُ الْمُشْتَرِي فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحَقًّا لَا يُنْتَقَضُ، وَنُوقِضَ بِمَسَائِلَ: الْأُولَى إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً مَحْمُومَةً فَلَمْ يَرُدَّهَا حَتَّى مَاتَتْ عِنْدَهُ بِالْحُمَّى لَا يُضَافُ إلَى السَّبَبِ السَّابِقِ حَتَّى لَا يَرْجِعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ بَلْ بِالنُّقْصَانِ مَعَ أَنَّ مَوْتَهَا بِسَبَبِ الْحُمَّى الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ، وَثَانِيهَا إذَا قَطَعَ الْبَائِعُ أَوْ غَيْرَهُ يَدَ الْعَبْدِ ثُمَّ بَاعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي فَمَاتَ الْعَبْدُ مِنْهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ لَا بِالثَّمَنِ.
وَثَالِثُهَا مَا إذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ الْبِكْرَ ثُمَّ بَاعَهَا وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَعْلَمْ بِالنِّكَاحِ ثُمَّ وَطِئَهَا الزَّوْجُ لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْبَكَارَةِ وَإِنْ كَانَ زَوَالُ الْبَكَارَةِ بِسَبَبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ، وَرَابِعُهَا لَوْ زَنَى الْعَبْدُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَجُلِدَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَمَاتَ مِنْهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ مَوْتُهُ بِسَبَبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ.
وَخَامِسُهَا لَوْ سَرَقَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَقُطِعَتْ يَدُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَسَرَى الْقَطْعُ فَمَاتَ يَرْجِعُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ لَا بِكُلِّهِ وَإِنْ كَانَ مَوْتُهُ بِسَبَبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ، أُجِيبَ بِأَنَّ الْجَارِيَةَ لَا تَمُوتُ بِمُجَرَّدِ الْحُمَّى بَلْ بِزِيَادَةِ الْأَلَمِ وَذَلِكَ بِسَبَبٍ آخَرَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ؛ فَلِأَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا وَرَدَ عَلَى قَطْعِ الْبَائِعِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ قَطَعَ سِرَايَةَ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ حَقُّ الْبَائِعِ فَتَنْقَطِعُ بِبَيْعِ مَنْ لَهُ السِّرَايَةُ، وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ السِّرَايَةُ لِغَيْرِ مَنْ كَانَ الْبَيْعُ مِنْهُ فَيَمْتَنِعُ انْقِطَاعُ السِّرَايَةِ بِالْبَيْعِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَإِنَّ الْبَكَارَةَ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْبَيْعِ، حَتَّى لَوْ وَجَدَهَا ثَيِّبًا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرَّدِّ إذَا لَمْ يَكُنْ شَرَطَ الْبَكَارَةِ فَعَدَمُهَا مِنْ بَابِ عَدَمِ وَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ لَا مِنْ بَابِ وُجُودِ الْعَيْبِ، وَعَنْ الرَّابِعَةِ بِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ هُوَ الضَّرْبُ الْمُؤْلِمُ وَاسْتِيفَاءُ ذَلِكَ لَا يُنَافِي الْمَالِيَّةَ فِي الْمَحَلِّ، وَمَوْتُهُ بِذَلِكَ الضَّرْبِ إنَّمَا هُوَ لِعَارِضٍ عَرَضَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ خَرَقُ الْجَلَّادِ أَوْ ضَعْفِ الْمَجْلُودِ فَلَمْ تَكُنْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مُسْتَوْفَاةً حَدًّا مُسْتَحَقًّا، وَأَمَّا الْخَامِسَةُ فَقَدْ تَقَدَّمَ جَوَابُهَا مِنْ الْمَبْسُوطِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ سَرَقَ فِي يَدِ الْبَائِعِ ثُمَّ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَقُطِعَ بِهِمَا) أَيْ بِالسَّرِقَتَيْنِ جَمِيعًا (فَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ) أَيْ نُقْصَانِ عَيْبِ السَّرِقَةِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute