قَالَ (وَإِنْ مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ أَوْ الْمُدَبَّرُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: عَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ لَهُمَا أَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِجِهَةِ الْبَيْعِ فَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمُدَبَّرُ وَأُمَّ الْوَلَدِ يَدْخُلَانِ تَحْتَ الْبَيْعِ حَتَّى يَمْلِكَ مَا يُضَمُّ إلَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّهِ الْقَبْضُ وَهَذَا الضَّمَانُ بِهِ
حُكْمُهُ، وَجَازَ أَنْ يَخْتَلِفَ إفْرَادُ نَوْعٍ شَرْعِيٍّ فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لِخُصُوصِيَّةٍ. فَإِنْ قِيلَ: التَّخْصِيصُ لَازِمٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ فَاسِدًا فَلَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ فَهُوَ تَخْصِيصٌ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا فَهُوَ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ حَتَّى مِلْكِ الْقِنِّ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ. وَهَذَا تَخْصِيصٌ لِلْبَاطِلِ فَلْيَكُنْ فَاسِدًا مَخْصُوصًا مِنْ حُكْمِ الْفَاسِدِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَأْوِيلِهِ بِالْبَاطِلِ. قُلْنَا نَحْنُ لَمْ نُعْطِ حُكْمَ الْبَاطِلِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ بِوَجْهٍ لِيَلْزَمَ تَخْصِيصُهُ وَيَتَّحِدَ اللَّازِمُ عَلَى تَقْدِيرِ تَأْوِيلِ الْفَاسِدِ بِالْبَاطِلِ وَعَدَمِهِ، إنَّمَا قُلْنَا حُكْمُهُ أَنْ لَا يُمْلَكَ بِالْقَبْضِ. غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ اتَّفَقَ أَنَّ بَعْضَ مَا هُوَ مَبِيعٌ بَاطِلٌ يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ كَالْمُدَبَّرِ وَبَعْضُهُ لَا يَدْخُلُ كَالْحُرِّ، وَأَصْلُ السُّؤَالِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ مُغَالَطَةٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْكُبْرَى لَوْ كَانَ كَالْحُرِّ لَمْ يَمْلِكْ الْقِنُّ الْمَضْمُومُ إلَيْهِ مَمْنُوعٌ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ لَوْ كَانَ مِثْلَهُ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ وَهُوَ مُنْتَفٍ. فَصَارَ حَاصِلُ الصُّورَةِ: لَوْ كَانَ بَاطِلًا كَانَ كَالْحُرِّ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَلَوْ كَانَ مِثْلَهُ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ لَمْ يَمْلِكْ الْقِنُّ الْمَضْمُومُ وَحِينَئِذٍ فَعَدَمُ الِاسْتِلْزَامِ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ أَوْ الْمُدَبَّرُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: عَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا لِلْبَائِعِ وَقَوْلُهُمَا) هَذَا (رِوَايَةٌ عَنْهُ) وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ فِي الْمُدَبَّرِ، أَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَبِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ لَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي وَلَا الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا إذْ لَا تَقَوُّمَ لِأُمِّ الْوَلَدِ عِنْدَهُ، وَإِنَّمَا تُضْمَنُ بِمَا يَضْمَنُ الصَّبِيُّ الْحُرُّ إذَا غَصَبَ. وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا نَقَلَهَا إلَى أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ أَوْ كَثِيرَةِ الْحَيَّاتِ فَمَاتَتْ بِنَهْشِ حَيَّةٍ أَوْ افْتِرَاسِ سَبُعٍ فِيهَا الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْغَاصِبِ كَمَا هُوَ فِي غَصْبِ الصَّبِيِّ بِشَرْطِهِ، أَمَّا الْمُدَبَّرُ فَيَضْمَنُ فِي الْبَيْعِ وَالْغَصْبِ عَلَى رِوَايَتِهِمَا هَذِهِ (لَهُمَا) فِي ضَمَانِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ (أَنَّهُمَا مَقْبُوضَانِ بِجِهَةِ الْبَيْعِ فَيَكُونَانِ مَضْمُونِينَ عَلَيْهِ) بِالْقَبْضِ (كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ) الْمَقْبُوضَةِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ (وَهَذَا) أَيْ كَوْنُهُمَا مَقْبُوضِينَ بِجِهَةِ الْبَيْعِ بِسَبَبِ أَنَّهُمَا يَدْخُلَانِ تَحْتَ الْبَيْعِ حَتَّى يَمْلِكَ مَا يُضَمُّ إلَيْهِمَا مِمَّا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ وَتَمْلِيكُهُ، وَإِذَا قَبَضَ بَعْدَ لَفْظِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَهُوَ فِيمَا يَصِحُّ أَنْ يُبَاعَ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَرِيبٍ فَهُوَ مَقْبُوضٌ بِجِهَةِ الْبَيْعِ (بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ)؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ يَدًا فَلَا يَضْمَنُ بِقَبْضِهِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ: أَعْنِي الَّتِي تُبْطِلُ بَيْعَهُ، وَإِنْ دَخَلَ تَحْتَ الْبَيْعِ إذَا ضُمَّ إلَيْهِ الْقِنُّ فَلَا يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّهِ الْقَبْضُ (وَهَذَا الضَّمَانُ بِالْقَبْضِ) وَقَدْ يَجْعَلُ الْمُشَارَ الْيَدَ بِقَوْلِهِ وَهَذَا كَوْنُهُمَا مَضْمُونَيْنِ بِالْقَبْضِ وَمَا صِرْنَا إلَيْهِ أَحْسَنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ بَعْدَهُ تَعْلِيلٌ لِلْمُشَارِ إلَيْهِ، وَكَوْنُهُمَا مَضْمُونِينَ بِالْقَبْضِ يَصِحُّ تَعْلِيلُهُ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ كَوْنِهِمَا مَقْبُوضِينَ بِجِهَةِ الْبَيْعِ فَيُنَاسِبُ كَوْنَ التَّعْلِيلِ لِمَا لَمْ يُعَلَّلْ إذَا صَلَحَ لَهُ وَهُوَ صَالِحٌ، بَلْ انْصِبَابُهُ لَيْسَ إلَّا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ دَعْوَى أَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِجِهَةِ الْبَيْعِ بِبَيَانِ أَنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ. وَأَمَّا كَوْنُهُ مَقْبُوضًا فَبِفَرْضِ وُقُوعِهِ حِسًّا، وَأَمَّا تَفْسِيرُ الْمَقْبُوضِ بِجِهَةِ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ الْمَقْبُوضُ لِيَشْتَرِيَ بَعْدَ الْقَبْضِ إنْ وَافَقَهُ، فَلَوْ صَحَّ لَزِمَ أَنْ لَا يَضْمَنَا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَقْبِضَا لِيَشْتَرِيَا بَعْدَ الْقَبْضِ إنْ وَافَقَا بَلْ قَبَضَا بَعْدَ الْمُوَافَقَةِ وَإِتْمَامِ الْبَيْعِ بِزَعْمِهِمَا، فَالْمَذْكُورُ تَفْسِيرُ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَلَا يَكُونَانِ مَقْبُوضِينَ بِجِهَةِ الْبَيْعِ فَلَا يَضْمَنَانِ، فَالْحَقُّ أَنَّ الْمَقْبُوضَ أَعَمُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute