وَلَهُ أَنَّ جِهَةَ الْبَيْعِ إنَّمَا تَلْحَقُ بِحَقِيقَةٍ فِي مَحِلٍّ يَقْبَلُ الْحَقِيقَةَ وَهُمَا لَا يَقْبَلَانِ حَقِيقَةَ الْبَيْعِ فَصَارَا كَالْمُكَاتَبِ، وَلَيْسَ دُخُولُهُمَا فِي الْبَيْعِ فِي حَقِّ أَنْفُسِهِمَا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِيَثْبُتَ حُكْمُ الْبَيْعِ فِيمَا ضُمَّ إلَيْهِمَا فَصَارَ كَمَالِ الْمُشْتَرِي لَا يَدْخُلُ فِي حُكْمِ عَقْدِهِ بِانْفِرَادِهِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حُكْمُ الدُّخُولِ فِيمَا ضَمَّهُ إلَيْهِ، كَذَا هَذَا.
قَالَ (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ السَّمَكِ قَبْلَ أَنْ يُصْطَادَ) لِأَنَّهُ بَاعَ مَالًا يَمْلِكُهُ (وَلَا فِي حَظِيرَةٍ إذَا كَانَ لَا يُؤْخَذُ إلَّا بِصَيْدٍ)؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ، وَمَعْنَاهُ إذَا أَخَذَهُ ثُمَّ أَلْقَاهُ فِيهَا لَوْ كَانَ يُؤْخَذُ مِنْ غَيْرِ حِيلَةٍ جَازَ، إلَّا إذَا اجْتَمَعَتْ فِيهَا بِأَنْفُسِهَا وَلَمْ يَسُدَّ عَلَيْهَا الْمَدْخَلَ لِعَدَمِ الْمِلْكِ
مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ مَاصَدَقَاتِ الْمَقْبُوضِ بِجِهَةِ الْبَيْعِ، فَالْمَقْبُوضُ بِجِهَةِ الْبَيْعِ يَصْدُقُ عَلَى الْمَقْبُوضِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ وَعَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ، وَذَلِكَ التَّفْسِيرُ يَخُصُّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ مَقْبُوضًا عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَإِلَّا صَارَ الْأَصْلُ عَيْنَ الْفَرْعِ، فَالْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ هُوَ الْأَصْلُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، وَالْمَقْبُوضُ بِالْعَقْدِ الْبَاطِلِ هُوَ الْفَرْعُ الْمُلْحَقُ (وَلَهُ أَنَّ جِهَةَ الْبَيْعِ إنَّمَا تَلْحَقُ بِحَقِيقَةِ الْبَيْعِ فِيمَا يَقْبَلُ حَقِيقَتَهُ) أَيْ حَقِيقَةَ حُكْمِهِ وَهُوَ الْمِلْكُ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْقِيمَةِ فِي الْبَيْعِ إنَّمَا هُوَ مُقَابَلٌ بِمِلْكِ الْمَبِيعِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ جِهَةِ الْبَيْعِ، وَلَا مِلْكَ مُتَصَوَّرٌ هُنَا مَعَ اعْتِبَارِ جِهَتِهِ فَبَقِيَ مُجَرَّدَ قَبْضٍ بِإِذْنِ الْمَالِكِ، فَلَوْ أَوْجَبْنَاهَا كَانَ عُدْوَانًا مَحْضًا، بِخِلَافِ ضَمَانِ الْغَصْبِ فِي الْمُدَبَّرِ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَدْعِي ذَلِكَ الِاعْتِبَارَ فَكَانَ بِمُجَرَّدِ الْقَبْضِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ، وَهُنَا الْإِذْنُ مَوْجُودٌ وَدُخُولُهُمَا فِي الْبَيْعِ لَيْسَ إلَّا لِيَثْبُتَ حُكْمُهُ فِيمَا ضُمَّ إلَيْهِمَا فَقَطْ مَعَ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ وَهُوَ عَدَمُ الصَّلَاحِيَّةِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ ثُبُوتِهَا مِنْ قَرِيبٍ (فَصَارَ كَمَالُ الْمُشْتَرِي لَا يَدْخُلُ فِي حُكْمِ عَقْدِهِ بِانْفِرَادِهِ) وَيَدْخُلُ إذَا ضَمَّ الْبَائِعُ إلَيْهِ مَالَ نَفْسِهِ وَبَاعَهُمَا لَهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً حَيْثُ يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْمَضْمُومِ بِالْحِصَّةِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ كَانَ قَدْ قِيلَ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ أَصْلًا فِي شَيْءٍ، وَإِذَا قَسَمَ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَتَيْ الْمَضْمُومِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ فَاعْلَمْ أَنَّ قِيمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ ثُلُثُ قِيمَتِهَا قِنَّةً، وَقِيمَةَ الْمُدَبَّرِ ثُلُثَا قِيمَتِهِ قِنًّا، وَقِيلَ نِصْفُهَا وَبِهِ يُفْتَى، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْعَتَاقِ
(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ) بَيْعُ السَّمَكِ فِي الْبَحْرِ أَوْ النَّهْرِ لَا يَجُوزُ؛ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَظِيرَةٌ فَدَخَلَهَا السَّمَكُ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَعَدَّهَا لِذَلِكَ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ أَعَدَّهَا لِذَلِكَ فَمَا دَخَلَهَا مِلْكُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَهُ، ثُمَّ إنْ كَانَ يُؤْخَذُ بِغَيْرِ حِيلَةِ اصْطِيَادٍ جَازَ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute