قَالَ (وَلَا بَيْعُ الْحَمْلِ وَلَا النِّتَاجِ) «لِنَهْيِ النَّبِيِّ ﵊ عَنْ بَيْعِ الْحَبَلِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ» وَلِأَنَّ فِيهِ غَرَرًا.
(وَلَا اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ لِلْغَرَرِ) فَعَسَاهُ انْتِفَاخٌ، وَلِأَنَّهُ يُنَازَعُ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلْبِ، وَرُبَّمَا يَزْدَادُ فَيَخْتَلِطُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ.
قَالَ (وَلَا الصُّوفُ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ) لِأَنَّهُ مِنْ أَوْصَافِ الْحَيَوَانِ، وَلِأَنَّهُ يَنْبُتُ مِنْ أَسْفَلَ فَيَخْتَلِطُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ، بِخِلَافِ الْقَوَائِمِ؛ لِأَنَّهَا تَزِيدُ مِنْ أَعْلَى،
تَسْلِيمُهَا جَازَ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهُ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ، يُوَافِقُهُ
(قَوْلُهُ وَلَا الْحَمْلُ) بِسُكُونِ الْمِيمِ مَا فِي الْبَطْنِ مِنْ الْجَنِينِ (وَلَا النِّتَاجُ) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ» وَكَانَ بَيْعًا يَبْتَاعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إلَى أَنْ تُنْتِجَ النَّاقَةُ ثُمَّ يُنْتِجَ فِي بَطْنِهَا. وَفِي الْمُوَطَّإِ: أَنْبَأْنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: " لَا رِبًا فِي الْحَيَوَانِ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ الْحَيَوَانِ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنْ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ، وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ " وَإِنَّمَا بَطَلَ هَذَا الْبَيْعُ لِلْغَرَرِ، فَعَسَى أَنْ لَا تَلِدَ تِلْكَ النَّاقَةُ أَوْ تَمُوتَ قَبْلَ ذَلِكَ. وَأَمَّا بِاللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ بَيْعِ الْحَبَلِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ فَغَيْرُ مَعْرُوفٍ. وَالْمَلَاقِيحُ مَا فِي الْأَرْحَامِ جَمْعُ مَلْقُوحٍ، وَالْمَضَامِينُ مَا فِي الْأَصْلَابِ، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ جَمْعُ مَضْمُونٍ لَقِحَتْ النَّاقَةُ وَوَلَدُهَا مَلْقُوحٌ بِهِ إلَّا أَنَّهُمْ اسْتَعْمَلُوهُ بِلَا بَاءٍ، يُقَالُ ضَمِنَ الشَّيْءَ أَيْ تَضَمَّنَهُ
. قَوْلُهُ: (وَلَا اللَّبَنُ) يَجُوزُ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَتَقْدِيرِ الْمُضَافِ وَالرَّفْعِ عَلَى إقَامَتِهِ مَقَامَ الْمُضَافِ (لِلْغَرَرِ فَلَعَلَّهُ انْتِفَاخٌ) وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَأَجَازَهُ مَالِكٌ أَيَّامًا مَعْلُومَةً إذَا عَرَفَ قَدْرَ حِلَابِهَا وَيَكُونُ تَسْلِيمُهُ بِالتَّخْلِيَةِ كَبَيْعِ التَّمْرِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ (لِأَنَّهُ يُتَنَازَعُ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلْبِ) فِي الِاسْتِقْصَاءِ وَعَدَمِهِ وَهُوَ نِزَاعٌ فِي التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ وَمَا وُضِعَتْ الْأَسْبَابُ إلَّا لِقَطْعِهِ فَبَطَلَ قَوْلُ مَالِكٍ لِذَلِكَ، وَلِجَوَازِ أَنْ يَحْدُثَ لَبَنٌ قَبْلَ الْحَلْبِ فَيَخْتَلِطَ مَالُ الْبَائِعِ بِمَالِ الْمُشْتَرِي عَلَى وَجْهٍ يُعْجِزُ عَنْ التَّخْلِيصِ
(قَوْلُهُ وَلَا الصُّوفُ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَوْصَافِ الْحَيَوَانِ)؛ لِأَنَّهُ يَقُومُ بِهِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَقْصُودِ مِنْ الشَّاةِ فَكَانَ كَالْوَصْفِ مِنْ الذَّاتِ وَهُوَ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ (وَلِأَنَّهُ يَنْبُتُ مِنْ أَسْفَلَ) سَاعَةً فَسَاعَةً (فَيَخْتَلِطُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ) بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ التَّمْيِيزُ (بِخِلَافِ الْقَوَائِمِ) أَيْ قَوَائِمِ الْخِلَافِ (لِأَنَّهَا تَزِيدُ مِنْ أَعْلَاهَا) وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِأَنْ تُوضَعَ فِي مَكَان مِنْ الْقَائِمَةِ عَلَامَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute