. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَا لَا يَمْلِكُهُ لِاشْتِرَاكِ النَّاسِ فِيهِ) اشْتِرَاكَ إبَاحَةٍ لَا مِلْكٍ، وَلِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ لِلْمُشْتَرِي فَائِدَةٌ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمِلْكِ يَحْصُلُ بِلَا بَيْعٍ إذْ يَتَمَلَّكُهُ بِدُونِهِ (لِلْحَدِيثِ) الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ فِي الْبُيُوعِ عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي خِرَاشِ بْنِ حِبَّانَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ﵃ قَالَ: غَزَوْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثَلَاثًا فَكُنْت أَسْمَعُهُ يَقُولُ «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ، وَالنَّارِ، وَالْكَلَإِ» وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَسْنَدَ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ أَحْمَدَ وَابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُمَا قَالَا فِي حَرِيزٍ ثِقَةٌ وَجَهَالَةُ الصَّحَابِيِّ لَا تَضُرُّ، وَمَعْنَى الشَّرِكَةِ فِي النَّارِ الِاصْطِلَاءُ بِهَا وَتَجْفِيفُ الثِّيَابِ: يَعْنِي إذَا أَوْقَدَ رَجُلٌ نَارًا فَلِكُلٍّ أَنْ يَصْطَلِيَ بِهَا، أَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الْجَمْرَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ. كَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ. وَمَعْنَاهُ فِي الْمَاءِ الشُّرْبُ وَسَقْيُ الدَّوَابِّ وَالِاسْتِقَاءُ مِنْ الْآبَارِ وَالْحِيَاضِ وَالْأَنْهَارِ الْمَمْلُوكَةِ. وَفِي الْكَلَإِ أَنَّ لَهُ احْتِشَاشَهُ وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ، غَيْرَ أَنَّ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ الدُّخُولِ فِي أَرْضِهِ، فَإِذَا مَنَعَ فَلِغَيْرِهِ أَنْ يَقُولَ إنَّ لِي فِي أَرْضِكَ حَقًّا، فَإِمَّا أَنْ تُوصِلَنِي إلَيْهِ أَوْ تَحُشَّهُ أَوْ تَسْتَقِيَ وَتَدْفَعَهُ لِي وَصَارَ كَثَوْبِ رَجُلٍ وَقَعَ فِي دَارِ رَجُلٍ إمَّا أَنْ يَأْذَنَ لِلْمَالِكِ فِي دُخُولِهِ لِيَأْخُذَهُ وَإِمَّا أَنْ يُخْرِجَهُ إلَيْهِ. أَمَّا إذَا أَحْرَزَ الْمَاءَ بِالِاسْتِقَاءِ فِي آنِيَةٍ وَالْكَلَأَ بِقَطْعِهِ جَازَ حِينَئِذٍ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ مَلَكَهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إذَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ، فَأَمَّا لَوْ كَانَ سَقَى الْأَرْضَ وَأَعَدَّهَا لِلْإِنْبَاتِ فَنَبَتَتْ فَفِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَالنَّوَازِلِ يَجُوزُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَهُوَ مُخْتَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ، وَكَذَا ذَكَرَ فِي اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ نَبَتَ الْكَلَأُ بِإِنْبَاتِهِ جَازَ بَيْعُهُ، وَكَذَا لَوْ حَدَّقَ حَوْلَ أَرْضِهِ وَهَيَّأَهَا لِلْإِنْبَاتِ حَتَّى نَبَتَ الْقَصَبُ صَارَ مِلْكًا لَهُ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ كَمْأَةٍ فِي أَرْضِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْلَعَهَا وَلَا مَاءٍ.
وَقَالَ الْقُدُورِيُّ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْكَلَإِ فِي أَرْضِهِ وَإِنْ سَاقَ الْمَاءَ إلَى أَرْضِهِ وَلَحِقَتْهُ مُؤْنَةٌ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِيهِ ثَابِتَةٌ، وَإِنَّمَا تَنْقَطِعُ بِالْحِيَازَةِ وَسَوْقُ الْمَاءِ إلَى أَرْضِهِ لَيْسَ بِحِيَازَةٍ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى الْأَوَّلِ، إلَّا أَنَّ عَلَى هَذَا الْقَائِلِ أَنْ يَقُولَ يَنْبَغِي أَنَّ حَافِرَ الْبِئْرِ يَمْلِكُ بِنَاءَهَا وَيَكُونُ بِتَكَلُّفِ الْحَفْرِ وَالطَّيِّ لِتَحْصِيلِ الْمَاءِ يَمْلِكُ الْمَاءَ كَمَا يَمْلِكُ الْكَلَأَ بِتَكَلُّفِهِ سَوْقَ الْمَاءِ إلَى الْأَرْضِ لِيَنْبُتَ فَلَهُ مَنْعُ الْمُسْتَقِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ. ثُمَّ الْكَلَأُ ذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ مَا لَيْسَ لَهُ سَاقٌ وَمَا لَهُ سَاقٌ لَيْسَ كَلَأً، وَكَانَ الْفَضْلِيُّ يَقُولُ: هُوَ أَيْضًا كَلَأٌ. وَفِي الْمُغْرِبِ: هُوَ كُلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute