وَأَمَّا الْإِجَارَةُ فَلِأَنَّهَا عُقِدَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ مُبَاحٍ، وَلَوْ عَقَدَ عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ مَمْلُوكٍ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ بَقَرَةً لِيَشْرَبَ لَبَنَهَا لَا يَجُوزُ فَهَذَا أَوْلَى.
قَالَ (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ النَّحْلِ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ وَأَبِي يُوسُفَ ﵀، وَقَالَ مُحَمَّدٌ ﵀: يَجُوزُ إذَا كَانَ مُحْرَزًا، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ﵀ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ حَقِيقَةً وَشَرْعًا فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُؤْكَلُ كَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ.
وَلَهُمَا أَنَّهُمَا مِنْ الْهَوَامِّ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَالزَّنَابِيرِ وَالِانْتِفَاعُ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ لَا بِعَيْنِهِ فَلَا يَكُونُ مُنْتَفَعًا بِهِ قَبْلَ الْخُرُوجِ، حَتَّى لَوْ بَاعَ كُوَّارَةً فِيهَا عَسَلٌ بِمَا فِيهَا مِنْ النَّحْلِ يَجُوزُ
مَا رَعَتْهُ الدَّوَابُّ مِنْ رَطْبٍ وَيَابِسٍ وَهُوَ وَاحِدُ الْأَكْلَاءِ (وَأَمَّا الْإِجَارَةُ فَلِأَنَّهَا) لَوْ صَحَّتْ مَلَكَ بِهَا الْأَعْيَانَ، وَحُكْمُهَا لَيْسَ إلَّا مِلْكُ الْمَنَافِعِ. نَعَمْ إذَا كَانَتْ الْأَعْيَانُ آلَةً لِإِقَامَةِ الْعَمَلِ الْمُسْتَحَقِّ كَالصَّبْغِ وَاللَّبَنِ فِي اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ فَيَمْلِكُ بَعْدَ إقَامَةِ الْعَمَلِ تَبَعًا، أَمَّا ابْتِدَاءً فَلَا (وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ بَقَرَةً لِيَشْرَبَ لَبَنَهَا لَا يَجُوزُ) مَعَ أَنَّهَا عُقِدَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ مَمْلُوكَةٍ (فَهَذَا أَوْلَى)؛ لِأَنَّهَا عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ، وَهَلْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ؟ ذَكَرَ فِي الشُّرْبِ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ حَتَّى يَمْلِكَ الْآجِرُ الْأُجْرَةَ بِالْقَبْضِ وَيُنَفِّذَ عِتْقَهُ فِيهِ، وَقِيلَ فِي لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ إنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَنْفَعَةِ شَرْعًا بِدَلِيلِ أَنَّ عَيْنَهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا يَضْمَنُ مُتْلِفُهُ. وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ لِيَضْرِبَ فِيهَا فُسْطَاطَهُ أَوْ لِيَجْعَلَهُ حَظِيرَةً لِغَنَمِهِ ثُمَّ يَسْتَبِيحَ الْمَرْعَى فَيَحْصُلَ مَقْصُودُهُمَا
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ النَّحْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ) وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَجُوزُ إذَا كَانَ مُحْرَزًا، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ﵀؛ (لِأَنَّهُ مُنْتَفَعٌ بِهِ حَقِيقَةً وَشَرْعًا) مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ إذَا كَانَ مُحْرَزًا (فَيَجُوزُ بَيْعُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُؤْكَلُ كَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ) يَجُوزُ بَيْعُهُمَا وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِمَا وَالْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِمَا (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ مِنْ الْهَوَامِّ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ) كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَزَغِ وَالْعَقْرَبِ وَالزُّنْبُورِ وَالْحَيَّةِ، وَهَذَا وَهُوَ أَنَّهُ فِي نَفْسِهِ مِنْ الْهَوَامِّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهِ (وَ) إنَّمَا (الِانْتِفَاعُ بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ لَا بِعَيْنِهِ) بِخِلَافِ الْجَحْشِ فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute