للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَبَيْعُ الطَّرِيقِ وَهِبَتُهُ جَائِزٌ وَبَيْعُ مَسِيلِ الْمَاءِ وَهِبَتُهُ بَاطِلٌ) وَالْمَسْأَلَةُ تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: بَيْعُ رَقَبَةِ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ، وَبَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ وَالتَّسْيِيلِ. فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ الطَّرِيقَ مَعْلُومٌ لِأَنَّ لَهُ طُولًا وَعَرْضًا مَعْلُومًا، وَأَمَّا الْمَسِيلُ فَمَجْهُولٌ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى قَدْرُ مَا يَشْغَلُهُ مِنْ الْمَاءِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَفِي بَيْعِ حَقِّ الْمُرُورِ رِوَايَتَانِ

لَا يَجُوزَ بَيْعُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَاءٌ.

وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ إنَّمَا جَوَّزَ لِلضَّرُورَةِ وَهُوَ بِعَرَضِيَّةِ وُجُودِهِ كَالسَّلَمِ وَالِاسْتِصْنَاعِ تَمَّ بِتَقْدِيرِ أَنَّهُ حَظٌّ مِنْ الْمَاءِ فَهُوَ مَجْمُوعُ الْمِقْدَارِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَهَذَا وَجْهُ مَنْعِ مَشَايِخِ بُخَارَى بَيْعَهُ مُنْفَرِدًا، قَالُوا: وَتَعَامُلُ أَهْلِ بَلْدَةٍ لَيْسَ هُوَ التَّعَامُلُ الَّذِي يُتْرَكُ بِهِ الْقِيَاسُ بَلْ ذَلِكَ تَعَامُلُ أَهْلِ الْبِلَادِ لِيَصِيرَ إجْمَاعًا كَالِاسْتِصْنَاعِ وَالسَّلَمِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَالضَّرُورَةُ فِي بَيْعِ الشِّرْبِ مُفْرَدًا عَلَى الْعُمُومِ مُنْتَفِيَةٌ بَلْ إنْ تَحَقَّقَ فَحَاجَةُ بَعْضِ النَّاسِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَبِهَذَا الْقَدْرِ لَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ.

[فَرْعٌ] بَاعَ الْعُلُوَّ قَبْلَ سُقُوطِهِ جَازَ، فَإِنْ سَقَطَ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ لِهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ

(قَوْلُهُ وَبَيْعُ الطَّرِيقِ وَهِبَتُهُ جَائِزٌ وَبَيْعُ مَسِيلِ الْمَاءِ وَهِبَتُهُ بَاطِلٌ) قَالَ الْمُصَنِّفُ (الْمَسْأَلَةُ تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ) أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ (بَيْعَ رَقَبَةِ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ، وَ) أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ (بَيْعَ حَقِّ الْمُرُورِ) الَّذِي هُوَ التَّطَرُّقُ (وَالتَّسْيِيلُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ) وَهُوَ بَيْعُ رَقَبَةِ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ: أَيْ مَعَ اعْتِبَارِ حَقِّ التَّسْيِيلِ (فَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الطَّرِيقَ مَعْلُومٌ؛ لِأَنَّ لَهُ طُولًا وَعَرْضًا مَعْلُومًا) فَإِنْ بَيَّنَهُ فَلَا إشْكَالَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ.

وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ جَازَ أَيْضًا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَسْأَلَةِ هَاهُنَا فَإِنَّهُ يَجْعَلُ مِقْدَارَ بَابِ الدَّارِ الْعُظْمَى وَطُولَهُ إلَى السِّكَّةِ النَّافِذَةِ (أَمَّا الْمَسِيلُ فَمَجْهُولٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي قَدْرَ مَا يَشْغَلُهُ الْمَاءُ) وَمِنْ هُنَا عُرِفَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسْأَلَةِ مَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ، أَمَّا لَوْ بَيَّنَ حَدَّ مَا يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ أَوْ بَاعَ أَرْضَ الْمَسِيلِ مِنْ نَهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ حَقِّ التَّسْيِيلِ فَهُوَ جَائِزٌ بَعْدَ أَنْ يُبَيِّنَ حُدُودَهُ.

(وَإِنْ كَانَ) الْمُرَادُ (الثَّانِيَ) وَهُوَ مُجَرَّدُ حَقِّ الْمُرُورِ وَالتَّسْيِيلِ (فَفِي بَيْعِ جَوَازِ الْمُرُورِ) مُجَرَّدًا (رِوَايَتَانِ) عَلَى رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ لَا يَجُوزُ وَبِهِ أَخَذَ الْكَرْخِيُّ لِجَهَالَتِهِ، وَعَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ يَجُوزُ، فَإِنَّهُ قَالَ: دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِيهَا طَرِيقٌ لِرَجُلٍ آخَرَ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُمَا مِنْ الْقِسْمَةِ وَيَتْرُكُ لِلطَّرِيقِ مِقْدَارَ بَابِ الدَّارِ الْعُظْمَى فَإِنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ، فَإِذَا بِيعَتْ الدَّارُ وَالطَّرِيقُ بِرِضَاهُمْ يَضْرِبُ صَاحِبُ الْأَصْلِ بِثُلُثَيْ ثَمَنِ الطَّرِيقِ وَصَاحِبُ الْمَمَرِّ بِثُلُثِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ اثْنَانِ وَصَاحِبَ الْمَمَرِّ وَاحِدٌ وَقِسْمَةُ الطَّرِيقِ تَكُونُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْقَلِيلِ يُسَاوِي صَاحِبَ الْكَثِيرِ فِي الِانْتِفَاعِ انْتَهَى.

فَقَدْ جَعَلَ لِصَاحِبِ حَقِّ الْمُرُورِ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ، وَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّ بَيْعَ حَقِّ التَّسْيِيلِ لَا يَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>