للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ حَقَّ التَّعَلِّي لَيْسَ بِمَالٍ لِأَنَّ الْمَالَ مَا يُمْكِنُ إحْرَازُهُ وَالْمَالُ هُوَ الْمَحِلُّ لِلْبَيْعِ، بِخِلَافِ الشِّرْبِ حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَمُفْرَدًا فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ بَلْخٍ لِأَنَّهُ حَظٌّ مِنْ الْمَاءِ وَلِهَذَا يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ وَلَهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ. .

وَحَقُّ التَّعَلِّي لَيْسَ بِمَالٍ؛ لِأَنَّ الْمَالَ عَيْنٌ يُمْكِنُ إحْرَازُهَا) وَإِمْسَاكُهَا وَلَا هُوَ حَقٌّ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَالِ بَلْ هُوَ حَقٌّ مُتَعَلِّقٌ بِالْهَوَاءِ وَلَيْسَ الْهَوَاءُ مَا لَا يُبَاعُ وَالْمَبِيعُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَحَدَهُمَا. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ (وَالْمَالُ هُوَ الْمَحِلُّ لِلْبَيْعِ) تَسَاهُلٌ أَوْ تَنْزِيلٌ لِلْمُتَعَلِّقِ بِالْمَالِ مَنْزِلَةَ الْمَالِ (بِخِلَافِ الشُّرْبِ حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ) فِيمَا إذَا كَانَ الشُّرْبُ شُرْبَ تِلْكَ الْأَرْضِ، أَمَّا إذَا بَاعَ أَرْضًا مَعَ شُرْبِ غَيْرِهَا فَفِي صِحَّتِهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُفْرَدًا كَبَيْعِ الشِّرْبِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ حَتَّى تَزْدَادَ نَوْبَتُهُ، وَجَوَّزَهُ مَشَايِخُ بَلْخٍ كَأَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ؛ لِأَنَّ أَهْلَ بَلْخٍ تَعَامَلُوا ذَلِكَ لِحَاجَتِهِمْ إلَيْهِ، وَالْقِيَاسُ يُتْرَكُ بِالتَّعَامُلِ كَمَا جَوَّزَ السَّلَمَ لِلضَّرُورَةِ وَالِاسْتِصْنَاعَ لِلتَّعَامُلِ (وَلِأَنَّهُ حَظٌّ مِنْ الْمَاءِ وَلِهَذَا يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ وَلَهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ) فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ: ادَّعَى رَجُلٌ شِرَاءَ أَرْضٍ بِشِرْبِهَا بِأَلْفٍ فَشَهِدَ شَاهِدٌ بِذَلِكَ وَسَكَتَ الْآخَرُ عَنْ الشِّرْبِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا لِاخْتِلَافِهِمَا فِي مِقْدَارِ ثَمَنِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الَّذِي زَادَ الشِّرْبَ نَقَصَ مِنْ ثَمَنِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الثَّمَنِ يُقَابِلُ الشِّرْبَ فَصَارَ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ. وَقَبْلُ لَوْ بَاعَ أَرْضًا بِشِرْبِهَا فَاسْتَحَقَّ شِرْبَهَا يَحُطُّ مِنْ الثَّمَنِ نَصِيبَ الشِّرْبِ، وَأَمَّا ضَمَانُهُ بِالْإِتْلَافِ وَهُوَ بِأَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ بِشِرْبِ غَيْرِهِ فَهُوَ رِوَايَةُ الْبَزْدَوِيِّ، وَعَلَى رِوَايَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ لَا يَضْمَنُ، وَقِيلَ يَضْمَنُ إذَا جَمَعَ الْمَاءَ ثُمَّ أَتْلَفَهُ، وَلَا يَضْمَنُ قَبْلَ الْجَمْعِ، وَحِينَئِذٍ فَالْإِلْزَامُ بِهِ مِنْ رَدِّ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ إلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُخَالِفَ. وَعَنْ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ بْنِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ قَصَرَ ضَمَانَهُ بِالْإِتْلَافِ عَلَى مَا إذَا كَانَ شَهِدَ بِهِ الْآخَرُ ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَقَالَ: لَا وَجْهَ لِلضَّمَانِ بِالْإِتْلَافِ إلَّا بِهَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ بِغَيْرِهَا فَإِمَّا بِالسَّقْيِ أَوْ يَمْنَعُ حَقَّ الشُّرْبِ، لَا وَجْهَ إلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمَاءَ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَدِيثِ وَلَا إلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ مَنْعَ حَقِّ الْغَيْرِ لَيْسَ سَبَبًا لِلضَّمَانِ بَلْ السَّبَبُ مَنْعُ مِلْكِ الْغَيْرِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَأَمَّا أَنَّهُ حَظٌّ مِنْ الْمَاءِ فَهُوَ عَيْنُ شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ فَأُورِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَيْنًا يَنْبَغِي أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>