للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا قَوْلُ عَائِشَةَ : لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ وَقَدْ بَاعَتْ بِسِتِّمِائَةٍ بَعْدَمَا اشْتَرَتْ بِثَمَانِمِائَةٍ: بِئْسَمَا شَرَيْت وَاشْتَرَيْت، أَبْلَغِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبْطَلَ حَجَّهُ وَجِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ إنْ لَمْ يَتُبْ؛ وَلِأَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ فَإِذَا وَصَلَ إلَيْهِ الْمَبِيعُ وَوَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ بَقِيَ لَهُ فَضْلُ خَمْسِمِائَةِ وَذَلِكَ بِلَا عِوَضٍ،

بِذَهَبٍ قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْ الدَّرَاهِمِ الثَّمَنُ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا خِلَافًا لِزُفَرَ، وَقِيَاسُهُ عَلَى الْعَرَضِ بِجَامِعِ أَنَّهُ خِلَافُ جِنْسِهِ فَإِنَّ الذَّهَبَ جِنْسٌ آخَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الدَّرَاهِمِ.

وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِمَا ثَمَنًا وَمِنْ حَيْثُ وَجَبَ ضَمُّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ فِي الزَّكَاةِ فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ احْتِيَاطًا وَأَلْزَمُ أَنَّ اعْتِبَارَهُمَا جِنْسًا وَاحِدًا يُوجِبُ التَّفَاضُلَ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مُقْتَضَى الْوَجْهِ ذَلِكَ وَلَكِنْ فِي التَّفَاضُلِ عِنْدَ بَيْعِ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِ الْآخَرِ إجْمَاعٌ (وَلَنَا قَوْلُ عَائِشَةَ) إلَى آخِرِ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ عَائِشَةَ يُفِيدُ أَنَّ الْمَرْأَةَ هِيَ الَّتِي بَاعَتْ زَيْدًا بَعْدَ أَنْ اشْتَرَتْ مِنْهُ وَحَصَلَ لَهُ الرِّبْحُ؛ لِأَنَّ شَرَيْت مَعْنَاهُ بِعْت قَوْله تَعَالَى ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ أَيْ بَاعُوهُ.

وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ فَإِنَّهُ رَوَى فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ امْرَأَةِ أَبِي سَفَرٍ " أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ : إنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ بَاعَنِي جَارِيَةً بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنِّي بِسِتِّمِائَةٍ، فَقَالَتْ: أَبْلِغِيهِ عَنِّي أَنَّ اللَّهَ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ إنْ لَمْ يَتُبْ ".

فَفِي هَذَا أَنَّ الَّذِي بَاعَ زَيْدٌ ثُمَّ اسْتَرَدَّ وَحَصَلَ الرِّبْحُ لَهُ، وَلَكِنَّ رِوَايَةَ غَيْرِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ عَكْسُهُ.

رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ امْرَأَتِهِ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ هِيَ وَأُمُّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَقَالَتْ أُمُّ وَلَدِ زَيْدٍ لِعَائِشَةَ: إنِّي بِعْت مِنْ زَيْدٍ غُلَامًا بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ نَسِيئَةً وَاشْتَرَيْته بِسِتِّمِائَةٍ نَقْدًا، فَقَالَتْ: أَبْلِغِي زَيْدًا أَنْ قَدْ أَبْطَلْت جِهَادَك مَعَ رَسُولِ اللَّهِ إلَّا أَنْ تَتُوبَ، بِئْسَ مَا اشْتَرَيْت وَبِئْسَ مَا شَرَيْت. وَهَذَا فِيهِ أَنَّ الَّذِي حَصَلَ لَهُ الرِّبْحُ هِيَ الْمَرْأَةُ.

قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>