وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَ الْمُشْتَرِي الدَّابَّةَ الْمَبِيعَةَ
ثَبَتَ تَصْحِيحُهُ شَرْعًا بِمَا لَا مَرَدَّ لَهُ كَشَرْطِ الْأَجَلِ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ فِي السَّلَمِ وَشَرْطٍ فِي الْخِيَارِ فَكَذَلِكَ هُوَ صَحِيحٌ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى ثُبُوتِهِ شَرْعًا رُخْصَةً أَوْ لَا يَقْتَضِيهِ وَلَيْسَ مِمَّا ثَبَتَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ مُتَعَارَفٌ كَشِرَاءِ نَعْلٍ عَلَى أَنْ يَحْذُوَهَا الْبَائِعُ أَوْ يُشْرِكَهَا فَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا لِمَا سَيَأْتِي، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَلَكِنْ يَتَضَمَّنُ التَّوَثُّقَ بِالثَّمَنِ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ كَفِيلٍ بِالثَّمَنِ حَاضِرٍ، وَقَبْلَ الْكَفَالَةِ، أَوْ بِأَنْ يَرْهَنَهُ بِهِ رَهْنًا مَعْلُومًا بِالْإِشَارَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ فَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ خِلَافًا لِزُفَرَ، فَإِنَّ حَاصِلَهُ التَّوَثُّقُ لِلثَّمَنِ فَيَكُونُ كَاشْتِرَاطِ الْجَوْدَةِ فِيهِ فَهُوَ مُقَرِّرٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْكَفِيلُ حَاضِرًا فَحَضَرَ وَقَبِلَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ، فَلَوْ بَعْدَهُ أَوْ كَانَ حَاضِرًا فَلَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ مُسَمًّى وَلَا مُشَارًا إلَيْهِ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الثَّمَنِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ يُضَافُ إلَى الْبَيْعِ فَيَصِيرُ الْكَفِيلُ كَالْمُشْتَرِي فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ الْعَقْدَ.
بِخِلَافِ الرَّهْنِ لَا يُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ، لَكِنْ مَا لَمْ يُسَلَّمْ لِلْبَائِعِ لَا يَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُ الرَّهْنِ وَإِنْ انْعَقَدَ عَقْدُ الرَّهْنِ بِذَلِكَ الْكَلَامِ، فَإِنَّ سَلَّمَ مَضَى الْعَقْدُ عَلَى مَا عَقَدَا، وَإِنْ امْتَنَعَ عَنْ تَسْلِيمِهِ لَا يُجْبَرُ عِنْدَنَا بَلْ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ، فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ الرَّهْنَ وَلَا الثَّمَنَ خُيِّرَ الْبَائِعُ فِي الْفَسْخِ، وَشَرْطُ الْحَوَالَةِ كَالْكَفَالَةِ؛ وَلَوْ كَانَ الشَّرْطُ مِمَّا لَا يَقْتَضِيهِ وَلَيْسَ مِمَّا ذَكَرْنَا، فَأَمَّا مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ، كَأَنْ اشْتَرَى حِنْطَةً عَلَى أَنْ يَطْحَنَهَا الْبَائِعُ أَوْ يَتْرُكَهَا فِي دَارِهِ شَهْرًا أَوْ ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَكَذَا شَرْطُ أَنْ لَا يَبِيعَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ؛ لِأَنَّهُ يُعْجِبُهُ أَنْ لَا تَتَدَاوَلَهُ الْأَيْدِي، وَكَذَا عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهُ مِنْ مَكَّةَ مَثَلًا.
وَفِي الْخُلَاصَةِ: اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ جَازَ وَعَلَى أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ فُلَانٍ لَا يَجُوزُ: أَيْ لَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ الْبَيْعَ مِنْ فُلَانٍ؛ لِأَنَّ لِلْمَبِيعِ مَنْفَعَةً وَلَهَا مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ وَهُوَ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّ لَهُ طَالِبًا، وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ لِغَيْرِ الْعَاقِدَيْنِ.
وَمِنْهُ إذَا بَاعَ سَاحَةً عَلَى أَنْ يَبْنِيَ بِهَا مَسْجِدًا أَوْ طَعَامًا عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ. أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ ثَوْبًا أَوْ حَيَوَانًا غَيْرَ آدَمِيٍّ فَقَدْ خَرَجَ الْجَوَازُ مِمَّا ذَكَرْنَا فِي الْمُزَارَعَةِ مِنْ أَنَّ أَحَدَ الْمُزَارِعِينَ إذَا شَرَطَ فِي الْمُزَارَعَةِ أَنْ لَا يَبِيعَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ أَوْ يَهَبَهُ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ جَائِزَةٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الْعَامِلِينَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ، وَكَذَا ذَكَرَ الْحَسَنُ فِي الْمُجَرَّدِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ)؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute