للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أَبِيعُك هَذَا نَقْدًا بِكَذَا وَنَسِيئَةً بِكَذَا وَيَفْتَرِقَانِ عَلَيْهِ انْتَهَى. وَرِوَايَةُ ابْنِ حِبَّانَ لِلْحَدِيثِ مَوْقُوفًا «الصَّفْقَةُ فِي الصَّفْقَتَيْنِ رِبًا» تُؤَيِّدُ تَفْسِيرَ الْمُصَنِّفِ مَعَ أَنَّهُ أَقْرَبُ تَبَادُرًا مِنْ تَفْسِيرِ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَكْثَرُ فَائِدَةً، فَإِنَّ كَوْنَ الثَّمَنِ عَلَى تَقْدِيرِ النَّقْدِ أَلْفًا وَعَلَى تَقْدِيرِ النَّسِيئَةِ أَلْفَيْنِ لَيْسَ فِي مَعْنَى الرِّبَا، بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ نَحْوِ السُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ» وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ مَنْ يَتَكَلَّمُ فِي الْحَدِيثِ ظَنُّ أَنَّهُ مَعْنَى الْأَوَّلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هَذَا أَخُصُّ مِنْهُ. فَإِنَّهُ فِي خُصُوصٍ مِنْ الصَّفَقَاتِ وَهُوَ الْبَيْعُ، وَفَسَّرَهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنْ يَقُولَ أَبِيعُك دَارِي هَذِهِ بِكَذَا عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي غُلَامَك بِكَذَا، فَإِذَا وَجَبَ لِي غُلَامُك وَجَبَتْ لَك دَارِي. وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ بَلَاغًا.

وَفِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ: لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ يُقْرِضَنِي فُلَانٌ الْأَجْنَبِيُّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْبَيْعَ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْأَجْنَبِيَّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَهُ فَإِمَّا بِطَرِيقِ الضَّمَانِ عَنْ الْمُشْتَرِي أَوْ بِطَرِيقِ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ.

لَا وَجْهَ إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فَكَيْفَ يَتَحَمَّلُهَا الْكَفِيلُ، وَلَا إلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ، وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْ الْأَجْنَبِيَّ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مَا شَرَطَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَقَدْ سَلَّمَ لَهُ ذَلِكَ. وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى قَالَ: بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ عَلِيَّ وَالْعَبْدُ لِفُلَانٍ، حُكِيَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَاسْتَبْعَدَهُ أَبُو بَكْرٍ الْجَصَّاصُ. .

[فُرُوعٌ]

بَاعَ أَمَةً بِشَرْطِ أَنْ يَطَأَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ أَنْ لَا يَطَأَهَا فَسَدَ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِمَا؛ لِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ الْإِطْلَاقُ وَهَذَا تَعْيِينُ أَحَدِ الْجَائِزَيْنِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَفْسُدُ فِي الثَّانِي لِمَا قُلْنَا، وَيَصِحُّ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِيهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَصِحُّ فِيهِمَا.

وَلَوْ كَانَ فِي الشَّرْطِ ضَرَرٌ كَأَنْ شَرَطَ أَنْ يُقْرِضَ أَجْنَبِيًّا لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ يَفْسُدُ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَلَا مَضَرَّةٌ كَأَنْ اشْتَرَى طَعَامًا بِشَرْطِ أَنْ يَأْكُلَهُ أَوْ ثَوْبًا بِشَرْطِ أَنْ يَلْبَسَهُ جَازَ.

وَذَكَرَ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ الْعُقُودَ الَّتِي يَتَعَلَّقُ تَمَامُهَا بِالْقَبُولِ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ: قِسْمٌ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَجَهَالَةِ الْبَدَلِ وَهِيَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْقِسْمَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ. وَقِسْمٌ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا جَهَالَةِ الْبَدَلِ وَهُوَ مُعَاوَضَةُ الْمَالِ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ عَمْدٍ. وَقِسْمٌ لَهُ شَبَهٌ بِالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَهُوَ الْكِتَابَةُ يُبْطِلُهَا جَهَالَةُ الْبَدَلِ وَلَا يُبْطِلُهَا الشَّرْطُ الْفَاسِدُ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ: الَّتِي تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ: الْبَيْعُ، وَالْقِسْمَةُ، وَالْإِجَارَةُ، وَالْإِجَازَةُ، وَالرَّجْعَةُ، وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ، وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ، وَعَزْلُ الْوَكِيلِ فِي رِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَتَعْلِيقُ إيجَابِ الِاعْتِكَافِ بِالشُّرُوطِ، وَالْمُزَارَعَةُ، وَالْمُعَامَلَةُ، وَالْإِقْرَارُ، وَالْوَقْفُ فِي رِوَايَةٍ. وَمَا لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ: الطَّلَاقُ، وَالْخُلْعُ، وَلَوْ بِغَيْرِ مَالٍ، وَالْعِتْقُ بِمَالٍ وَبِلَا مَالٍ، وَالرَّهْنُ، وَالْقَرْضُ، وَالْهِبَةُ، وَالصَّدَقَةُ، وَالْوِصَايَةُ، وَالشَّرِكَةُ، وَالْمُضَارَبَةُ، وَالْقَضَاءُ، وَالْإِمَارَةُ، وَالتَّحْكِيمُ بَيْنَ اثْنَيْنِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَالْكَفَالَةُ، وَالْحَوَالَةُ، وَالْوَكَالَةُ، وَالْإِقَالَةُ، وَالنَّسَبُ، وَالْكِتَابَةُ، وَإِذْنُ الْعَبْدِ، وَدَعْوَةُ الْوَلَدِ، وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَالْجِرَاحَةُ الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا، وَجِنَايَةُ الْغَصْبِ، الْوَدِيعَةُ، وَالْعَارِيَّةُ إذَا ضَمِنَهَا رَجُلٌ وَشَرَطَ فِيهَا حَوَالَةً أَوْ كَفَالَةً، وَعَقْدُ الذِّمَّةِ، وَتَعْلِيقُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَتَعْلِيقُ الرَّدِّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، وَعَزْلُ الْقَاضِي.

وَالنِّكَاحُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَلَا إضَافَتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>