للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَمَنْ بَاعَ عَيْنًا عَلَى أَنْ لَا يُسَلِّمَهُ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ)؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْمَبِيعِ الْعَيْنِ بَاطِلٌ فَيَكُونُ شَرْطًا فَاسِدًا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ شُرِعَ تَرْفِيهًا فَيَلِيقُ بِالدُّيُونِ دُونَ الْأَعْيَانِ.

قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً إلَّا حَمْلَهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ) وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا لَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْعَقْدِ، وَالْحَمْلُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَطْرَافِ الْحَيَوَانِ لِاتِّصَالِهِ بِهِ خِلْقَةً

لَكِنْ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، وَكَذَا الْحَجْرُ عَلَى الْمَأْذُونِ لَا يَبْطُلُ الْحَجْرُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، وَكَذَا الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْكَفَالَةُ بِالشَّرْطِ الْمُتَعَارَفِ تَصِحُّ هِيَ وَالشَّرْطُ، وَبِغَيْرِ الْمُتَعَارَفِ يَبْطُلُ وَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ انْتَهَى.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ التَّمْلِيكَاتِ أَوْ التَّقْيِيدَاتِ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ؛ فَمِنْ الْأَوَّلِ الْإِقْرَارُ وَالْإِبْرَاءُ، وَمِنْ الثَّانِي عَزْلُ الْوَكِيلِ وَالْحَجْرُ عَلَى الْعَبْدِ وَالرَّجْعَةُ وَالتَّحْكِيمُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مِنْ قَبِيلِ التَّمْلِيكَاتِ فَلَا يَتَعَلَّقُ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَتَعَلَّقُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إطْلَاقِ الْوِلَايَةِ كَالْقَضَاءِ وَالْإِذْنِ وَالْإِيصَاءِ وَالْوَكَالَةِ، وَإِنْ جَعَلَ الْوَكَالَةَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ مِنْ قَبِيلِ التَّمْلِيكَاتِ بَلْ هِيَ بِالْوِلَايَاتِ أَشْبَهُ

(قَوْلُهُ وَمَنْ بَاعَ عَيْنًا عَلَى أَنْ لَا يُسَلِّمَهُ) إيَّاهَا (إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْمَبِيعِ الْعَيْنِ بَاطِلٌ فَيَكُونُ شَرْطًا فَاسِدًا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ شُرِعَ تَرْفِيهًا فَيَلِيقُ بِالدُّيُونِ)؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُعَيَّنَةً فِي الْبَيْعِ فَيَحْصُلُ بِالْأَجَلِ التَّرْفِيهُ، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ مُعَيَّنٌ حَاضِرٌ لَا فَائِدَةَ فِي إلْزَامِهِ تَأْخِيرَ تَسْلِيمِهِ إذْ فَائِدَتُهُ الِاسْتِحْصَالُ بِهِ وَهُوَ حَاصِلٌ فَيَكُونُ إضْرَارًا بِالْبَائِعِ مِنْ غَيْرِ نَفْعٍ لِلْمُشْتَرِي

(قَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً إلَّا حَمْلَهَا فَسَدَ الْبَيْعُ، وَالْأَصْلُ) الْمُمَهِّدُ لِتَعْرِيفِ مَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْعَقْدِ، وَمَا لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ هُوَ (أَنَّ مَا لَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ) ابْتِدَاءً (لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْعَقْدِ) وَمَا يَصِحُّ يَصِحُّ وَمِمَّا لَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ.

هَذَا وَهُوَ كَوْنُ الْحَمْلِ لَا يَصِحُّ إفْرَادِهِ بِالْعَقْدِ (لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَطْرَافِ الْحَيَوَانِ لِاتِّصَالِهِ بِهِ خِلْقَةً) كَرِجْلِ الشَّاةِ وَأَلْيَتِهَا حَتَّى أَنَّهُ يُقْرَضُ بِالْمِقْرَاضِ وَأَطْرَافُ الْحَيَوَانِ لَا تُفْرَدُ بِالْعَقْدِ إجْمَاعًا. وَمِنْ فُرُوعِهِ: بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ إلَّا قَفِيزًا مِنْهَا بِكَذَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ إفْرَادَ قَفِيزٍ مِنْهَا بِالْبَيْعِ يَجُوزُ، وَلَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْقَطِيعَ مِنْ الْغَنَمِ إلَّا شَاةً بِأَلْفٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِجَوَازِ شِرَاءِ شَاةٍ مِنْ هَذَا الْقَطِيعِ بِغَيْرِ عَيْنِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَثْنَى هَذِهِ الشَّاةَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ حَيْثُ يَجُوزُ لِجَوَازِ إفْرَادِهَا بِالْعَقْدِ، وَكَذَا الْحَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>