قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَقْطَعَهُ الْبَائِعُ وَيَخِيطَهُ قَمِيصًا أَوْ قَبَاءً فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ)؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ؛ وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ صَفْقَةً فِي صَفْقَةٍ عَلَى مَا مَرَّ (وَمَنْ اشْتَرَى نَعْلًا عَلَى أَنْ يَحْذُوَهَا الْبَائِعُ قَالَ أَوْ يُشَرِّكَهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ) قَالَ ﵁: مَا ذَكَرَهُ جَوَابُ الْقِيَاسِ، وَوَجْهُهُ مَا بَيَّنَّا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ: يَجُوزُ لِلتَّعَامُلِ فِيهِ فَصَارَ كَصَبْغِ الثَّوْبِ
دَارِي هَذِهِ الدَّاخِلَةِ فَسَدَ الْبَيْعُ؛ وَلَوْ قَالَ إلَّا طَرِيقًا إلَى دَارِي الدَّاخِلَةِ جَازَ وَطَرِيقُهُ عَرْضُ بَابِ الدَّارِ الْخَارِجَةِ؛ وَلَوْ بَاعَ بَيْتًا عَلَى أَنْ لَا طَرِيقَ لِلْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ وَعَلَى أَنَّ بَابَهُ فِي الدِّهْلِيزِ يَجُوزُ؛ وَلَوْ زَعَمَ أَنَّ لَهُ طَرِيقًا فَظَهَرَ أَنْ لَا لَهُ يُرَدُّ؛ وَلَوْ بَاعَهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا أَوْ إلَّا ثَوْبًا أَوْ إلَّا كُرَّ حِنْطَةٍ أَوْ هَذِهِ الشِّيَاهُ إلَّا وَاحِدَةً لَا يَجُوزُ، وَلَوْ كَانَتْ بِعَيْنِهَا جَازَ؛ وَلَوْ بَاعَ دَارًا عَلَى أَنْ لَا بِنَاءَ فِيهَا فَإِذَا فِيهَا بِنَاءٌ الْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَقْضِ الْبِنَاءِ؛ وَلَوْ بَاعَهَا عَلَى أَنَّ بِنَاءَهَا مِنْ آجُرٍّ فَإِذَا هُوَ لَبِنٌ فَهُوَ فَاسِدٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا جِنْسَانِ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ هَرَوِيٌّ فَظَهَرَ بَلْخِيًّا؛ وَلَوْ بَاعَ الْأَرْضَ عَلَى أَنَّ فِيهَا بِنَاءً فَإِذَا لَا بِنَاءَ فِيهَا، وَكَذَا إذَا اشْتَرَاهَا بِشَجَرِهَا وَلَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ جَازَ وَلَهُ الْخِيَارُ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ بِعُلُوِّهَا وَسُفْلِهَا فَظَهَرَ أَنْ لَا عُلُوَّ لَهَا، وَمِثْلُهُ لَوْ اشْتَرَى بِأَجْذَاعِهَا
(قَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَقْطَعَهُ الْبَائِعُ وَيَخِيطَهُ قَمِيصًا أَوْ قَبَاءً فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ) بِإِجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ (لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ؛ وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ عَلَى مَا مَرَّ) مِنْ امْتِنَاعِ الصَّفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ إلَّا أَنَّ هُنَا عَلَى تَقْدِيرٍ وَاحِدٍ وَهُوَ كَوْنُ الْخِيَاطَةِ يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ فَهُوَ شَرْطُ إجَازَةٍ فِي بَيْعٍ، وَمَا تَقَدَّمَ كَانَ كَذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْمُقَابَلَةِ يَكُونُ إعَارَةً فِي بَيْعٍ (قَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى نَعْلًا عَلَى أَنْ يَحْذُوَهَا الْبَائِعُ) الْمُرَادُ اشْتَرَى أَدِيمًا عَلَى أَنْ يَجْعَلَهُ الْبَائِعُ نَعْلًا لَهُ فَأَطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمَ النَّعْلِ بِاعْتِبَارِ أَوَّلِهِ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ حَقِيقَتُهُ أَيْ نَعْلَ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ عَلَى أَنْ يَحْذُوَهَا: أَيْ أَنْ يَجْعَلَ مَعَهَا مِثَالًا آخَرَ لِيُتِمَّ نَعْلًا لِلرِّجْلَيْنِ، وَمِنْهُ حَذَوْت النَّعْلَ بِالنَّعْلِ: أَيْ قَدَّرْته بِمِثَالِ قِطْعَتِهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَوْ يُشْرِكَهُ فَجَعَلَهُ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ نَعْلًا، وَلَا مَعْنًى لَأَنْ يَشْتَرِيَ أَدِيمًا عَلَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ شِرَاكًا فَلَا بُدَّ أَنْ يُرَادَ حَقِيقَةُ النَّعْلِ (فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ. قَالَ)
الْمُصَنِّفُ ﵀ (مَا ذَكَرَهُ) يَعْنِي الْقُدُورِيَّ (جَوَابُ الْقِيَاسِ، وَوَجْهُهُ مَا بَيَّنَّاهُ) مِنْ أَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ (وَفِي الِاسْتِحْسَانِ: يَجُوزُ) الْبَيْعُ وَيَلْزَمُ الشَّرْطُ (لِلتَّعَامُلِ) كَذَلِكَ، وَمِثْلُهُ فِي دِيَارِنَا شِرَاءُ الْقَبْقَابِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ: أَيْ عَلَى أَنْ يُسَمِّرَ لَهُ سَيْرًا (وَصَارَ كَصَبْغِ الثَّوْبِ) مُقْتَضَى الْقِيَاسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute