للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِلتَّعَامُلِ جَوَّزْنَا الِاسْتِصْنَاعَ.

قَالَ (وَالْبَيْعُ إلَى النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ وَصَوْمِ النَّصَارَى وَفِطْرِ الْيَهُودِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ الْمُتَبَايِعَانِ ذَلِكَ فَاسِدٌ لِجَهَالَةِ الْأَجَلِ) وَهِيَ مُفْضِيَةٌ إلَى الْمُنَازَعَةِ فِي الْبَيْعِ لِابْتِنَائِهَا عَلَى الْمُمَاكَسَةِ

مَنْعُهُ؛ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ عُقِدَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ مَعَ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ عَيْنُ الصَّبْغِ وَلَكِنْ جُوِّزَ لِلتَّعَامُلِ. وَمِثْلُهُ إجَارَةُ الظِّئْرِ مَعَ لُزُومِ اسْتِهْلَاكِ اللَّبَنِ جَازَ لِلتَّعَامُلِ، لَكِنْ فِي الْفَوَائِدِ الْمُسْتَحَقُّ بِالْإِجَارَةِ فِعْلُ الصَّبْغِ وَالْحَضَانَةُ فِي اسْتِئْجَارِ الصَّبَّاغِ وَالظِّئْرِ وَاللَّبَنُ آلَةُ فِعْلِهِمَا (وَلِلتَّعَامُلِ جَوَّزْنَا الِاسْتِصْنَاعَ) مَعَ أَنَّهُ بَيْعُ الْمَعْدُومِ، وَمِنْ أَنْوَاعِهِ شِرَاءُ الصُّوفِ الْمَنْسُوجِ عَلَى أَنْ يَجْعَلَهُ الْبَائِعُ قَلَنْسُوَةً بِشَرْطِ أَنْ يُبَطِّنَ لَهَا الْبَائِعُ بِطَانَةً مِنْ عِنْدِهِ، وَهَذَا نَوْعٌ آخَرُ مِنْ الشَّرْطِ وَهُوَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ أَنَّ بِهِ كَذَا، وَمَا تَقَدَّمَ كَانَ الْمَشْرُوطُ مَعْدُومًا فَيُشْتَرَطُ أَنْ يُفْعَلَ مِنْ هَذَا.

ذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ: اشْتَرَى شَاةً عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ يَفْسُدُ الْبَيْعُ. وَعَنْ الشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ. وَأَصَحُّهُمَا يَصِحُّ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: الْقَوْلَانِ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ، أَمَّا فِي الْجَوَارِي يَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا وَهُوَ قَوْلُنَا. ذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ: اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُرِيدُهَا لِلظَّئُورَةِ فَيَفْسُدُ. وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ بَعْدَ فَرْضِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَلِمَ ذَلِكَ بَلْ شَرَطَهُ، وَكَوْنُهُ اشْتَرَى خِلَافَ مَا يَحْصُلُ غَرَضُهُ لَا يُوجِبُ فَسَادًا بَعْدَ الرِّضَا بِهِ. وَعَنْ الْهِنْدُوَانِيُّ شَرْطُ الْحَبَلِ مِنْ الْبَائِعِ لَا يُفْسِدُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَذْكُرُهُ عَلَى بَيَانِ الْعَيْبِ عَادَةً.

وَلَوْ وُجِدَ مِنْ الْمُشْتَرِي يَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ اشْتِرَاطِ الزِّيَادَةِ. وَلَوْ اشْتَرَى سِمْسِمًا أَوْ زَيْتُونًا أَوْ حِنْطَةً عَلَى أَنَّ فِيهَا كَذَا هُنَا أَوْ يُخْرِجُ كَذَا دَقِيقًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَلَوْ شَرَطَ فِي الشَّاةِ أَنَّهَا حَلُوبٌ أَوْ لَبُونٌ لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ. وَاخْتُلِفَ فِيهِ؛ فَالْكَرْخِيُّ يُفْسِدُ، وَالطَّحَاوِيُّ لَا يُفْسِدُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَرْغُوبٌ فِيهِ.

وَالْوَجْهُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِوُقُوعِ الْمُنَازَعَةِ فِي أَنَّ مَعْنَى الْحَلُوبِ مَا يَكُونُ لَبَنُهَا هَذَا الْمِقْدَارَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا إلَى غَايَةِ كَذَا، وَلَوْ كَانَ مَنْفَعَةُ الشَّرْطِ لِغَيْرِ الْعَاقِدَيْنِ كَالْبَيْعِ عَلَى أَنْ يُقْرِضَ فُلَانًا كَذَا فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ كُلُّ شَيْءٍ يُشْتَرَطُ عَلَى الْبَائِعِ يَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ إذَا شُرِطَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ لَا يَفْسُدُ بِهِ إذَا شُرِطَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَهُوَ جَائِزٌ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي كَالْبَيْعِ بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يَحُطَّ فُلَانٌ الْأَجْنَبِيُّ عَشَرَةً جَازَ الْبَيْعُ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِمِائَةٍ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنْ يَهَبَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ دِينَارًا مِنْ الثَّمَنِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ. وَفِي الْمُنْتَقَى خِلَافُهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي.

قَالَ: لَوْ اشْتَرَى عَلَى أَنْ يَهَبَ لَهُ دِينَارًا مِنْ الثَّمَنِ جَازَ وَهُوَ حَسَنٌ، لِأَنَّ حَاصِلَ هَذَا حَطِيطَةٌ مُشْتَرَطَةٌ وَمَآلُهَا إلَى الشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ الْأَنْقَصِ. وَلَوْ بَاعَ رَقَبَةَ الطَّرِيقِ عَلَى أَنَّ لَهُ حَقَّ الْمُرُورِ أَوْ السُّفْلَ عَلَى أَنَّ لَهُ قَرَارَ الْعُلُوِّ جَازَ. وَلَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكُ الْمُشْتَرِي فِي نِصْفِ هَذَا فَسَدَ. وَلَوْ قَالَ نِصْفَيْهِمَا جَازَ كَمَا لَوْ بَاعَ هَذَا الثَّوْبَ وَقَالَ أَنَا شَرِيكُك فِي نِصْفِهِ، وَمُقْتَضَى النَّظَرِ أَنْ يَجُوزَ الْأَوَّلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَاصِلِ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَنِصْفِ الْآخَرِ شَائِعًا صَفْقَةً وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ.

وَلَوْ بَاعَ هَذَا بِأَلْفٍ إلَّا نِصْفَهُ بِسِتِّمِائَةِ فَقَدْ بَاعَ نِصْفَهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ

(قَوْلُهُ وَالْبَيْعُ إلَى النَّيْرُوزِ) وَهُوَ يَوْمٌ فِي طَرْفِ الرَّبِيعِ وَأَصْلُهُ نَوْرُوزُ عَرَبٍ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بِهِ عُمَرُ فَقَالَ: كُلُّ يَوْمٍ لَنَا نَوْرُوزٌ حِينَ كَانَ الْكُفَّارُ يَبْتَهِجُونَ بِهِ. وَالْمِهْرَجَانُ يَوْمٌ فِي طَرْفِ الْخَرِيفِ مُعَرَّبُ مهركان، وَقِيلَ هُمَا عِيدَانِ لِلْمَجُوسِ (وَصَوْمُ النَّصَارَى وَفِطْرُ الْيَهُودِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ الْمُتَبَايِعَانِ ذَلِكَ فَاسِدٌ لِجَهَالَةِ الْأَجَلِ) وَعُرِفَ بِهَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُؤَجَّلِ هُنَا هُوَ الثَّمَنُ لَا الْمَبِيعُ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>