فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ يَصِحُّ اسْتِحْسَانًا، وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ فِي الْعَقْدِ عِوَضَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالٌ لِيَتَحَقَّقَ رُكْنُ الْبَيْعِ وَهُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ فَيَخْرُجُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ بِالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَالْحُرِّ وَالرِّيحِ وَالْبَيْعِ مَعَ نَفْيِ الثَّمَنِ، وَقَوْلُهُ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ، فِي ذَوَاتِ الْقِيَمِ، فَأَمَّا فِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَيَلْزَمُهُ
فِي ضَعْفِ السَّبَبِ مَعَ أَنَّ الْقَبْضَ فِيهَا (فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ يَصِحُّ اسْتِحْسَانًا) وَأَثَرُ الضَّعْفِ يَكْفِي فِيهِ كَوْنُ التَّسْلِيطِ الَّذِي يَثْبُتُ مُقَيَّدًا بِالْمَجْلِسِ، حَتَّى لَوْ قَبَضَهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بِحَضْرَتِهِ وَلَمْ يَنْهَهُ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَعَنْ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّهُ قَالَ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَبْضُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ بِغَيْرِ إذْنِهِ إذَا كَانَ أَدَّى الثَّمَنَ بِمَا يَمْلِكُهُ الْبَائِعُ بِالْقَبْضِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقٍ سَيَأْتِي.
وَأَمَّا مَا ذَكَرَ فِي الْمَأْذُونِ مِنْ اشْتِرَاطِ إذْنِ الْبَائِعِ فِي صِحَّةِ الْقَبْضِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فَتَأْوِيلُهُ إذَا لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ أَوْ كَانَ الثَّمَنُ خَمْرًا مَثَلًا حَتَّى لَا يَمْلِكَ بِالْقَبْضِ، فَأَمَّا إذَا مَلَكَ بِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِذْنِ وَيَكُونُ قَبْضُ الثَّمَنِ مِنْهُ إذْنًا مِنْهُ بِالْقَبْضِ.
وَفِي الْمُجْتَبَى فِي التَّخْلِيَةِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِقَبْضٍ، وَفِي الْخُلَاصَةِ التَّخْلِيَةُ كَالْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَفِي الْمُحِيطِ: بَاعَ عَبْدًا مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فَاسِدًا وَاشْتَرَى عَبْدَهُ لِنَفْسِهِ فَاسِدًا لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَيَسْتَعْمِلَهُ، وَفِي جَمْعِ التَّفَارِيقِ: لَوْ كَانَ وَدِيعَةً عِنْدَهُ وَهِيَ حَاضِرَةٌ مَلَكَهَا. وَقَوْلُهُ (فَيُخَرَّجُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى اشْتِرَاطِ الْمَالِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ عَدَمُ (الْبَيْعِ) وَبُطْلَانُهُ (بِالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَالْحُرِّ وَالْبَيْعِ بِالرِّيحِ وَالْبَيْعِ مَعَ نَفْيِ الثَّمَنِ) كُلُّهَا بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ الْمَالِ فِي الْعِوَضِ، وَقَيَّدَ بِنَفْيِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ سَكَتَا عَنْ الثَّمَنِ فَلَمْ يَذْكُرَاهُ بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ انْعَقَدَ فَاسِدًا وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ بِالْقَبْضِ مُوجِبًا لِلْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي الْمُعَاوَضَةَ، فَإِذَا سَكَتَ عَنْ عِوَضِهِ كَانَ عِوَضُهُ قِيمَتَهُ وَكَأَنَّهُ بَاعَهُ بِقِيمَتِهِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ. وَقَوْلُهُ (لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ) يَعْنِي يَوْمَ الْقَبْضِ، وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ فِي يَدِهِ فَأَتْلَفَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ فَلَا يَتَغَيَّرُ كَالْغَصْبِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ أَتْلَفَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِهْلَاكِ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ حِينَئِذٍ، كَذَا فِي الْكَافِي، وَهَذَا (فِي ذَوَاتِ الْقِيَمِ، فَأَمَّا فِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَيَلْزَمُهُ الْمِثْلُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute