الْمِثْلُ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِنَفْسِهِ بِالْقَبْضِ فَشَابَهُ الْغَصْبَ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمِثْلَ صُورَةً وَمَعْنًى أَعْدَلُ مِنْ الْمِثْلِ مَعْنًى.
قَالَ (وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخُهُ) رَفْعًا لِلْفَسَادِ، وَهَذَا قَبْلَ الْقَبْضِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفِدْ حُكْمَهُ فَيَكُونُ الْفَسْخُ امْتِنَاعًا مِنْهُ، وَكَذَا بَعْدَ الْقَبْضِ إذَا كَانَ الْفَسَادُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ لِقُوَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْفَسَادُ بِشَرْطٍ زَائِدٍ فَلِمَنْ لَهُ الشَّرْطُ ذَلِكَ دُونَ مَنْ عَلَيْهِ لِقُوَّةِ الْعَقْدِ
وَمِنْهَا الْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ (لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِنَفْسِهِ) أَيْ بِالْقِيمَةِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ.
هَذَا وَالْقَوْلُ فِي الْقِيمَةِ وَالْمِثْلِ قَوْلُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ الضَّامِنُ، فَالْقَوْلُ لَهُ فِي الْقَدْرِ وَالْبَيِّنَةُ فِيهِ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ
(قَوْلُهُ: وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَسْخُهُ رَفْعًا لِلْفَسَادِ) أَيْ لِلْمَعْصِيَةِ فَرَفْعُهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ نَفْسَ الْعَقْدِ مَكْرُوهٌ وَالْجَرْيَ عَلَى مُوجَبِهِ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ تَمْلِيكٌ أَوْ انْتِفَاعٌ بِوَطْءٍ أَوْ لَبْسٌ أَوْ أَكْلٌ كَذَلِكَ: أَيْ يُكْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْرِيرِ الْمَعْصِيَةِ وَهِيَ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ. وَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ حَرَامًا؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى مَنْعِهِ شَرْعًا قَطْعِيٌّ يُوجِبُ الْحُرْمَةَ، وَعُرِفَ مِنْ تَعْلِيلِ الْمُصَنِّفِ بِرَفْعِ الْمَعْصِيَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يُقَالَ: وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ فَسْخُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ أَرَادَ مُجَرَّدَ بَيَانِ ثُبُوتِ وِلَايَةِ الْفَسْخِ فَوَقَعَ تَعْلِيلُهُ أَخَصَّ مِنْ دَعْوَاهُ.
وَحَاصِلُ الْمَنْقُولِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْفَسَادُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ وَهُوَ مَا يَرْجِعُ إلَى الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ كَبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَوْبٍ بِخَمْرٍ فَيَمْلِكُ كُلٌّ فَسْخَهُ بِحَضْرَةِ الْآخَرِ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَقَّ الشَّرْعِ فَفِيهِ إلْزَامُ مُوجِبِ الْفَسْخِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِعِلْمِهِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ أَيْضًا وَلَمْ يَحْكِ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْخِلَافَ (وَإِنْ كَانَ الْفَسَادُ بِشَرْطٍ زَائِدٍ) كَالْبَيْعِ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ وَنَحْوِهِ، أَوْ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ فَكُلُّ وَاحِدٍ يَمْلِكُ فَسْخَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ فَيَسْتَقِلُّ (مَنْ لَهُ) مَنْفَعَةُ (الشَّرْطِ) وَالْأَجَلِ بِالْفَسْخِ كَالْبَائِعِ فِي صُورَةِ الْإِقْرَاضِ وَالْمُشْتَرِي فِي الْأَجَلِ بِحَضْرَةِ الْآخَرِ (دُونَ مَنْ عَلَيْهِ) عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الشَّرْطِ إذَا كَانَتْ عَائِدَةً عَلَيْهِ صَحَّ فَسْخُهُ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يُسْقِطَ الْأَجَلَ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ، فَإِذَا فَسَخَهُ فَقَدْ أَبْطَلَ حَقَّهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى تَصْحِيحِ الْعَقْدِ، وَعِنْدَهُمَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقُّ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ حَقًّا لِلشَّرْعِ فَانْتَفَى اللُّزُومُ عَنْ الْعَقْدِ، وَالْعَقْدُ إذَا كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ تَمَكَّنَ كُلٌّ مِنْ فَسْخِهِ.
كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْإِيضَاحِ وَالْكَافِي فَعَلَى هَذَا الْمَذْكُورُ هُنَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَحْدَهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي عَلَى حَالِهِ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ، أَمَّا إذَا زَادَ الْمُشْتَرَى فِي يَد الْمُشْتَرِي زِيَادَةً مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ أَوْ لَا أَوْ مُنْفَصِلَةً كَذَلِكَ أَوْ انْتَقَصَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute