للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أَنَّهُ لَمْ تَتَحَقَّقْ الْمُرَاضَاةُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الشَّرْطُ. قَالَ (فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي نَفَذَ بَيْعُهُ)؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فَمَلَكَ التَّصَرُّفَ فِيهِ وَسَقَطَ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَبْدِ بِالثَّانِي وَنُقِضَ الْأَوَّلُ لِحَقِّ الشَّرْعِ وَحَقُّ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ لِحَاجَتِهِ،

الْغَيْرِ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا أَوْ أَجْنَبِيًّا فَسَنَذْكُرُهُ.

وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنَّهُ) إلَى آخِرِهِ جَوَابُ سُؤَالٍ يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ لِقُوَّةِ الْعَقْدِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَوِيًّا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدٍ وِلَايَةُ الْفَسْخِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَنْفَعَةُ الشَّرْطِ. فَأَجَابَ بِأَنَّ الْقِيَاسَ ذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَتَحَقَّقْ الْمُرَاضَاةُ فِي حَقِّهِ كَانَ لَهُ الْفَسْخُ (قَوْلُهُ فَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ بَاعَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا بَيْعًا صَحِيحًا (نَفَذَ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فَمَلَكَ التَّصَرُّفَ فِيهِ وَسَقَطَ حَقُّ) الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فِي (الِاسْتِرْدَادِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَبْدِ) بِالْعَقْدِ (الثَّانِي وَنَقْضِ الْأَوَّلِ) مَا كَانَ إلَّا (لِحَقِّ الشَّرْعِ وَحَقُّ الْعَبْدِ) عِنْدَ مُعَارَضَةِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (يُقَدَّمُ) بِإِذْنِ اللَّهِ لِغِنَاهُ وَسِعَةِ عَفْوِهِ وَجُودِهِ وَفَقْرِ الْعَبْدِ وَضِيقِهِ، وَلَا يَنْقُضُ بِالصَّيْدِ إذَا أَحْرَمَ مَالِكُهُ وَهُوَ فِي يَدِهِ حَيْثُ يُقَدَّمُ حَقُّ الشَّرْعِ عَلَى الْعَبْدِ.

؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْوَاجِبُ عَلَيْهِ إطْلَاقُهُ لَا إخْرَاجُهُ عَنْ مِلْكِهِ، فَيُطْلِقُهُ بِحَيْثُ لَا يَضِيعُ عَلَيْهِ، وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ وَلَا يُنْقَضُ بِاسْتِرْدَادِ وَارِثِ الْبَائِعِ إذَا كَانَ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي مَعَ أَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ وَهُوَ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْمُتَعَلِّقَ لِلْوَارِثِ هُوَ نَفْسُ الْحَقِّ الَّذِي كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَكَانَ مَشْغُولًا بِحَقِّ الْبَائِعِ فِي الرَّدِّ فَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ كَذَلِكَ، أَمَّا الْمُوصَى لَهُ بِالْمَبِيعِ فَكَالْمُشْتَرِي الثَّانِي فَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْبَائِعِ اسْتِرْدَادُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ لَهُ مِلْكًا مُتَجَدِّدًا بِسَبَبٍ اخْتِيَارِيٍّ لَا بِتَصَرُّفٍ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قِيلَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي أَيْضًا إنَّمَا يُنْقَلُ إلَيْهِ الْمَبِيعُ مَشْغُولًا بِذَلِكَ الْحَقِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِيهِ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ فِي قُدْرَتِهِ أَنْ يُبْطِلَ حَقَّهُ فَلَا يَصِلُ مَا بَاعَهُ إلَى الْمُشْتَرِي إلَّا مَشْغُولًا بِذَلِكَ احْتَاجَ إلَى الْجَوَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>