للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ الْمَنْعُ مَعْلُولٌ بِالْقَرَابَةِ الْمُحَرِّمَةِ لِلنِّكَاحِ حَتَّى لَا يَدْخُلَ فِيهِ مَحْرَمٌ غَيْرُ قَرِيبٍ وَلَا قَرِيبٌ غَيْرُ مَحْرَمٍ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجَانِ حَتَّى جَازَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِي مِلْكِهِ

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنْبَأَنَا مَالِكُ بْنُ أَبِي الْخَيْرِ الزِّيَادِيُّ عَنْ أَبِي قُنْبُلٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْهُ قَالَ «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُبَجِّلْ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا» وَعَلَى نَحْوِ الْأَوَّلِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُفْرَدِ فِي الْأَدَبِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عِدَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فَهُوَ مَعْنًى مَشْهُورٌ لَا شَكَّ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ .

قَالَ الْمُصَنِّفُ (ثُمَّ الْمَنْعُ مَعْلُولٌ بِالْقَرَابَةِ الْمُحَرِّمَةِ لِلنِّكَاحِ حَتَّى لَا يَدْخُلُهُ مَحْرَمٌ غَيْرُ قَرِيبٍ) كَمَحْرَمِ الرَّضَاعِ وَامْرَأَةِ الْأَبِ (وَلَا قَرِيبُ غَيْرُ مَحْرَمٍ) كَابْنِ الْعَمِّ (وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجَانِ حَتَّى جَازَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَوْرِدِهِ) وَمَوْرِدُهُ كَانَ فِي الْمَحْرَمِيَّةِ كَمَا فِي الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا وَالْأَخَوَيْنِ.

فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ لَا يُمْنَعَ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْخَالِ وَابْنِ أُخْتِهِ وَالْخَالَةِ وَبِنْتِ أُخْتِهَا؛ لِأَنَّ النَّصَّ مَا وَرَدَ إلَّا فِي الْوَالِدَةِ وَالْأَخَوَيْنِ. فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَرَابَةَ الْمُحَرِّمَةَ تُثْبِتُ مَعْنًى دَلَالِيًّا وَهُوَ الْمَفْهُومُ الْمُوَافِقُ فِي عُرْفِ الشَّافِعِيَّةِ لِلْقَطْعِ بِأَنَّ خُصُوصَ الْوَالِدَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِأَنَّ الْوَالِدَ أَيْضًا مِثْلُهَا فَفُهِمَ مِنْهُ قَرَابَةُ الْوِلَادِ ثُمَّ جَاءَ نَصُّ الْأَخَوَيْنِ، فَعُلِمَ أَنْ لَا قَصْرَ عَلَى الْوِلَادِ بَلْ الْقَرَابَةِ الْمُحَرِّمَةِ فَثَبَتَ فِي الْخَالِ وَالْخَالَةِ بِالدَّلَالَةِ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْأَوْلَوِيَّةِ فِي الدَّلَالَةِ وَالْمَفْهُومِ بَقِيَ إيرَادُ نَقْضِ الْعِلَّةِ بِثَمَانِيَةِ مَسَائِلَ يَجُوزُ التَّفْرِيقُ فِيهَا مَعَ وُجُودِ الْقَرَابَةِ الْمُحَرِّمَةَ، مِنْهَا الثَّلَاثَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَهِيَ: مَا إذَا كَانَ التَّفْرِيقُ بِحَقٍّ مُسْتَحِقٍّ كَدُفَعِ أَحَدِهِمَا بِجِنَايَةٍ، أَوْ اسْتِيلَاءِ دَيْنٍ لَزِمَ الصَّغِيرَ كَاسْتِهْلَاكِهِ مَالَ الْغَيْرِ مَعَ أَنَّهُ فِي دَفْعِهِ غَيْرُ مَجْبُورٍ إذْ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ الْفِدَاءَ وَالدَّيْنَ وَيَسْتَبْقِيَهُ وَرَدَّهُ وَحْدَهُ بِعَيْبٍ بِحِصَّتِهِ فَيَرُدُّهُ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَرُدُّهُمَا جَمِيعًا أَوْ يُمْسِكُهُمَا كَمَا فِي مِصْرَاعِي الْبَابِ إذَا وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا.

وَالرَّابِعَةُ أَنْ يُدَبِّرَ أَحَدَهُمَا أَوْ يَسْتَوْلِدَ الْأَمَةَ وَحِينَئِذٍ جَازَ بَيْعُهُ الْآخَرُ وَالْخَامِسَةُ أَنْ يَكُونَ لِحَرْبِيٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>