«وَوَهَبَ النَّبِيُّ ﷺ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - غُلَامَيْنِ أَخَوَيْنِ صَغِيرَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ الْغُلَامَانِ؟ فَقَالَ: بِعْت أَحَدَهُمَا، فَقَالَ: أَدْرِكْ أَدْرِكْ، وَيُرْوَى: اُرْدُدْ اُرْدُدْ»؛ وَلِأَنَّ الصَّغِيرَ يَسْتَأْنِسُ بِالصَّغِيرِ وَبِالْكَبِيرِ وَالْكَبِيرَ يَتَعَاهَدُهُ فَكَانَ فِي بَيْعِ أَحَدِهِمَا قَطْعُ الِاسْتِئْنَاسِ، وَالْمَنْعُ مِنْ التَّعَاهُدِ وَفِيهِ تَرْكُ الْمَرْحَمَةِ عَلَى الصِّغَارِ، وَقَدْ أَوْعَدَ عَلَيْهِ
وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَنُظِرَ فِيهِ فَإِنَّ فِيهِ حُيَيِّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ يُخَرَّجْ لَهُ فِي الصَّحِيحِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ، وَلِلِاخْتِلَافِ فِيهِ لَمْ يُصَحِّحْهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بِقِصَّةٍ.
وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:؟ «مَلْعُونٌ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا» وَقَالَ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَفِيهِ طَلِيقُ بْنُ مُحَمَّدٍ، تَارَةً يَرْوِيهِ عَنْهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَتَارَةً عَنْهُ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، وَتَارَةً عَنْ طَلِيقٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ مُرْسَلًا، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَهُوَ الْمَحْفُوظُ.
وَقَوْلُ ابْنِ الْقَطَّانِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ طَلِيقًا لَا يُعْرَفُ حَالُهُ يُرِيدُ خُصُوصَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالْحَدِيثُ لَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ وَشُهْرَةٌ وَأَلْفَاظٌ تُوجِبُ صِحَّةَ الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكِ فِيهِ، وَهُوَ مَنْعُ التَّفْرِيقِ إلَّا أَنَّ فِي سَوْقِهَا طُولًا عَلَيْنَا. وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ ﵁ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مَيْمُونَ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ عَنْ «عَلِيٍّ ﵁ قَالَ وَهَبَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ غُلَامَيْنِ أَخَوَيْنِ فَبِعْتُ أَحَدَهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا عَلِيُّ مَا فَعَلَ غُلَامُك؟ فَأَخْبَرْته فَقَالَ: رُدَّهُ رُدَّهُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَتَعَقَّبَهُ أَبُو دَاوُد بِأَنَّ مَيْمُونًا لَمْ يُدْرِكْ عَلِيًّا وَهُوَ عَلَى طَرِيقَتِهِمْ مِنْ أَنَّ الْمُرْسَلَ مِنْ أَقْسَامِ الضَّعِيفِ وَعِنْدَنَا لَيْسَ كَذَلِكَ. وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ ﵁ قَالَ: «قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ سَبْيٌ فَأَمَرَنِي بِبَيْعِ أَخَوَيْنِ فَبِعْتهمَا وَفَرَّقْت بَيْنَهُمَا، ثُمَّ أَتَيْت النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرْته فَقَالَ: أَدْرِكْهُمَا فَارْتَجِعْهُمَا وَبِعْهُمَا جَمِيعًا فَلَا تُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا» وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَنَفَى ابْنُ الْقَطَّانِ الْعَيْبَ عَنْهُ وَقَالَ: هُوَ أَوْلَى مَا اُعْتُمِدَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَمِنْ طَرِيقٍ آخَرَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ، وَلَا يَضُرُّ عَلَى أَصْلِنَا عَلَى مَا عُرِفَ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَلِأَنَّ الصَّغِيرَ يَسْتَأْنِسُ بِالصَّغِيرِ وَبِالْكَبِيرِ وَالْكَبِيرَ يَتَعَاهَدُهُ) أَيْ يُصْلِحُ شَأْنَهُ (فَكَانَ فِي التَّفْرِيقِ قَطْعُ الِاسْتِئْنَاسِ وَالْمَنْعُ مِنْ التَّعَاهُدِ وَفِيهِ تَرْكُ الْمَرْحَمَةِ عَلَى الصِّغَارِ، وَقَدْ أَوْعَدَ عَلَيْهِ) قَالَ ﵊ «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا فَلَيْسَ مِنَّا» وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُفْرَدِ فِي الْأَدَبِ.
وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ فِي مُشْكِلِ الْآثَارِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute