فَالْعِلَّةُ عِنْدَنَا الْكَيْلُ مَعَ الْجِنْسِ وَالْوَزْنُ مَعَ الْجِنْسِ.
قَالَ ﵁: وَيُقَالُ الْقَدْرُ مَعَ الْجِنْسِ وَهُوَ أَشْمَلُ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُهُ ﵊ «الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ، وَالْفَضْلُ رِبًا» وَعَدَّ الْأَشْيَاءَ السِّتَّةَ: الْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ وَالتَّمْرَ وَالْمِلْحَ وَالذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ.
وَيُرْوَى بِرِوَايَتَيْنِ بِالرَّفْعِ مِثْلٌ وَبِالنَّصْبِ مِثْلًا.
وَمَعْنَى الْأَوَّلِ بَيْعُ التَّمْرِ، وَمَعْنَى الثَّانِي بِيعُوا التَّمْرَ،
قَوْله تَعَالَى ﴿لا تَأْكُلُوا الرِّبَا﴾ أَيْ الزَّائِدَ فِي الْقَرْضِ وَالسَّلَفِ عَلَى الْمَدْفُوعِ وَالزَّائِدُ فِي بَيْعِ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ عِنْدَ بَيْعِ بَعْضِهَا بِجِنْسِهِ، وَسَنَذْكُرُ تَفْصِيلَهَا.
وَيُقَالُ لِنَفْسِ الزِّيَادَةِ: أَعْنِي بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ، وَمِنْهُ ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ أَيْ حَرَّمَ أَنْ يُزَادَ فِي الْقَرْضِ وَالسَّلَفِ عَلَى الْقَدْرِ الْمَدْفُوعِ وَأَنْ يُزَادَ فِي بَيْعِ تِلْكَ الْأَمْوَالِ بِجِنْسِهَا قَدْرًا لَيْسَ مِثْلَهُ فِي الْآخَرِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ فِعْلٌ وَالْحُكْمُ يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي قَوْلِهِ: الرِّبَا فِي كُلِّ مَكِيلٍ الْأَوَّلُ بِغَيْرِ لَفْظِ مُحَرَّمٍ لَا يُرَادُ كُلٌّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ عَلَى إسْقَاطِ لَفْظِ مُتَفَاضِلًا، أَوْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ بِتَقْدِيرِ إثْبَاتِهَا فَكَانَ الْمُرَادُ حُكْمَ الرِّبَا وَهُوَ الْحُرْمَةُ، أَمَّا عَلَى اسْتِعْمَالِ الرِّبَا فِي حُرْمَتِهِ فَيَكُونُ لَفْظُ الرِّبَا مَجَازًا، أَوْ عَلَى حَذْفِهِ وَإِرَادَتِهِ فَيَكُونُ مِنْ مَجَازِ الْحَذْفِ، وَالرِّبَا مُرَادٌ بِهِ الزِّيَادَةُ مُبْتَدَأٌ، وَالْمَجْرُورُ خَبَرُهُ: أَيْ حُرْمَةُ الزِّيَادَةِ ثَابِتَةٌ فِي كُلِّ مَكِيلٍ.
ثُمَّ قَوْلُهُ (فَالْعِلَّةُ الْكَيْلُ مَعَ الْجِنْسِ أَوْ الْوَزْنُ مَعَ الْجِنْسِ) مُرَتَّبًا بِالْفَاءِ لَمَّا عُرِفَ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُرَتَّبَ عَلَى مُشْتَقٍّ يُوجِبُ كَوْنَ مَبْدَإِ الِاشْتِقَاقِ عِلَّتَهُ، وَلَمَّا رَتَّبَ الْحُكْمَ عَلَى الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ مَعَ الْجِنْسِ تَفَرَّعَ عَلَيْهِ أَنَّ الْعِلَّةَ الْكَيْلُ مَعَ الْجِنْسِ (وَ) قَدْ (يُقَالُ) بَدَلَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ (الْقَدْرُ وَهُوَ أَشْمَلُ) وَأَخْصَرُ لَكِنَّهُ يَشْمَلُ مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، إذَا يَشْمَلُ الْعَدَّ وَالذَّرْعَ وَلَيْسَا مِنْ أَمْوَالِ الرِّبَا: أَيْ عِلَّةُ تَحْرِيمِ الزِّيَادَةِ كَوْنُهُ مَكِيلًا مَعَ اتِّحَادِ الْبَدَلَيْنِ فِي الْجِنْسِ فَهِيَ عِلَّةٌ مُرَكَّبَةٌ (وَالْأَصْلُ فِيهِ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute