وَالْحُكْمُ مَعْلُومٌ بِإِجْمَاعِ الْقَائِسِينَ لَكِنَّ الْعِلَّةَ عِنْدَنَا مَا ذَكَرْنَاهُ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ ﵀: الطَّعْمُ فِي الْمَطْعُومَاتِ وَالثَّمَنِيَّةُ فِي الْأَثْمَانِ، وَالْجِنْسِيَّةُ شَرْطٌ، وَالْمُسَاوَاةُ مُخَلِّصٌ.
وَالْأَصْلُ هُوَ الْحُرْمَةُ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى شَرْطَيْنِ التَّقَابُضِ وَالْمُمَاثَلَةِ
أَخْرَجَ السِّتَّةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ»، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ " مِثْلَهُ سَوَاءً " وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ «يَدًا بِيَدٍ، فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى»، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مِثْلَهُ وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ «فَقَدْ أَرْبَى إلَّا مَا اخْتَلَفَتْ أَلْوَانُهُ» وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالتَّقْدِيرُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ بِيعُوا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَأَمَّا رِوَايَةُ " مِثْلٌ " بِالرَّفْعِ فَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلٌ بِمِثْلٍ يَدٌ بِيَدٍ وَالْفَضْلُ رِبًا وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلٌ بِمِثْلٍ يَدٌ بِيَدٍ وَالْفَضْلُ رِبًا» وَهَكَذَا قَالَ إلَى آخِرِ السِّتَّةِ، وَكَذَا مَا رَوَى مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ بِإِسْنَادِهِ إلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلٌ بِمِثْلٍ يَدٌ بِيَدٍ هَكَذَا» إلَى آخِرِ الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ، وَذَكَرَ التَّمْرَ بَعْدَ الْمِلْحِ آخِرًا.
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ تِبْرُهُ وَعَيْنُهُ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا» إلَى أَنْ قَالَ: «وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ وَالْفِضَّةُ أَكْثَرُهُمَا يَدًا بِيَدٍ وَأَمَّا نَسِيئَةً فَلَا، وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْبُرِّ بِالشَّعِيرِ وَالشَّعِيرُ أَكْثَرُهُمَا يَدًا بِيَدٍ، وَأَمَّا النَّسِيئَةُ فَلَا» انْتَهَى.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجَوَازَ فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرِّ بِالشَّعِيرِ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى زِيَادَةِ الْفِضَّةِ وَالشَّعِيرِ، بَلْ لَوْ كَانَ الزَّائِدُ الذَّهَبَ وَالْبُرَّ جَازَ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَادُ مِنْ تَفْضِيلِ الذَّهَبِ عَلَى الْفِضَّةِ وَالْبُرِّ عَلَى الشَّعِيرِ (قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ) يَعْنِي حُرْمَةَ الرِّبَا أَوْ وُجُوبَ التَّسْوِيَةِ (مَعْلُولٌ بِإِجْمَاعِ الْقَائِسِينَ) أَيْ الْقَائِلِينَ بِوُجُوبِ الْقِيَاسِ عِنْدَ شَرْطِهِ، بِخِلَافِ الظَّاهِرِيَّةِ، وَكَذَا عُثْمَانُ الْبَتِّيِّ فَإِنَّ عِنْدَهُمْ حُكْمَ الرِّبَا مُقْتَصِرٌ عَلَى الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ الْمَنْصُوصَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا.
أَمَّا الظَّاهِرِيَّةُ فَلِأَنَّهُمْ يَنْفُونَ الْقِيَاسَ، وَأَمَّا عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ فَلِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ فِي الْقِيَاسِ أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ فِي كُلِّ أَصْلٍ أَنَّهُ مَعْلُولٌ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ هُنَا وَلِأَنَّهُ يُبْطِلُ الْعَدَدَ وَلَا يَجُوزُ كَمَا فِي قَوْلِهِ «خَمْسٌ مِنْ الْفَوَاسِقِ» قُلْنَا: تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ كَالطَّعَامِ فِي قَوْلِهِ «لَا تَبِيعُوا الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ» كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ الشَّافِعِيِّ دَلِيلٌ، وَسَنُقِيمُ عَلَيْهِ الدَّلِيلَ.
وَأَمَّا إبْطَالُ الْعَدَدِ فَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى اعْتِبَارِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَلَوْ سُلِّمَ فَالْقِيَاسُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقِ الْقَائِلِينَ بِهِ، وَالْإِبْطَالُ الْمَمْنُوعُ هُوَ الْإِبْطَالُ بِالنَّقْصِ، أَمَّا بِالزِّيَادَةِ بِالْعِلَّةِ فَلَا، وَتَخْصِيصُ هَذِهِ السِّتَّةِ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ عَامَّةَ الْمُعَامَلَاتِ الْكَائِنَةِ يَوْمئِذٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ كَانَ فِيهَا، وَمِمَّنْ نُقِلَ عَنْهُ قَصْرُ حُكْمِ الرِّبَا عَلَى السِّتَّةِ ابْنُ عَقِيلٍ مِنْ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَيْضًا مَأْثُورٌ عَنْ قَتَادَةَ وَطَاوُسٍ، قِيلَ فَانْحَزَمَ قَوْلُهُ بِإِجْمَاعِ الْقَائِسِينَ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْعِلَّةَ عِنْدَنَا مَا ذَكَرْنَاهُ) يَعْنِي الْقَدْرَ وَالْجِنْسَ فَعِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ وَالنَّسَاءُ، وَبِأَحَدِهِمَا مُفْرَدًا يَحْرُمُ النَّسَاءُ وَيَحِلُّ التَّفَاضُلُ كَمَا سَيَأْتِي (وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الطُّعْمُ فِي الْمَطْعُومَاتِ وَالثَّمَنِيَّةُ فِي الْأَثْمَانِ وَالْجِنْسِيَّةُ شَرْطٌ وَالْمُسَاوَاةُ مُخَلِّصٌ) مِنْ الْحُرْمَةِ (وَهِيَ) أَعْنِي الْحُرْمَةَ (الْأَصْلُ) وَعِنْدَ مَالِكٍ الْعِلَّةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute