وَبِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُعْبَأُ بِقَوْلِهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْغُرُورُ.
وَنَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا قَوْلُ الْمَوْلَى بَايِعُوا عَبْدِي هَذَا فَإِنِّي قَدْ أَذِنْت لَهُ ثُمَّ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ، ثُمَّ فِي وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ ضَرْبُ إشْكَالٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، لِأَنَّ الدَّعْوَى شَرْطٌ فِي حُرِّيَّةِ الْعَبْدِ عِنْدَهُ، وَالتَّنَاقُضُ يُفْسِدُ الدَّعْوَى. وَقِيلَ إذَا كَانَ الْوَضْعُ فِي حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ فَالدَّعْوَى فِيهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَهُ لِتَضَمُّنِهِ تَحْرِيمَ فَرْجِ الْأُمِّ. وَقِيلَ هُوَ شَرْطٌ لَكِنَّ التَّنَاقُضَ غَيْرُ مَانِعٍ لِخَفَاءِ الْعَلُوقِ وَإِنْ كَانَ الْوَضْعُ فِي الْإِعْتَاقِ فَالتَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُ لِاسْتِبْدَادِ الْمَوْلَى بِهِ
أَمْنِ هَذَا الطَّرِيقِ فَقَالَ اُسْلُكْهُ فَإِنَّهُ آمِنٌ فَسَلَكَهُ فَنُهِبَ مَالُهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَسْمُومٍ فَأَكَلَهُ فَمَاتَ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، غَيْرَ أَنَّهُ اسْتَحَقَّ عِنْدَ اللَّهِ عَذَابًا لَا يُطَاقُ (وَبِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُعْبَأُ بِقَوْلِهِ) فَالرَّجُلُ هُوَ الَّذِي اغْتَرَّ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ (ثُمَّ فِي وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ ضَرْبُ إشْكَالٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الدَّعْوَى) أَيْ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ (شَرْطٌ) فِي الْقَضَاءِ بِبَيِّنَتِهَا وَالدَّعْوَى لَا تَصِحُّ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ لِلتَّنَاقُضِ، فَإِنَّ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ تُنَاقِضُ تَصْرِيحَهُ بِرِقِّهِ.
فَأُجِيبَ مِنْ جِهَةِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى إنْ كَانَتْ بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ (فَالدَّعْوَى لَيْسَتْ بِشَرْطٍ عِنْدَهُ) كَقَوْلِهِمَا فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ مُطْلَقًا (لِتَضَمُّنِهِ تَحْرِيمَ فَرْجِ أُمِّهِ) عَلَى السَّيِّدِ وَتَحْرِيمَ أَخَوَاتِهَا وَبَنَاتِهَا، وَحُرْمَةُ الْفَرْجِ حَقُّهُ تَعَالَى وَالدَّعْوَى لَيْسَتْ شَرْطًا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا فِي عِتْقِ الْأَمَةِ حَتَّى أَنَّ الشُّهُودَ يَحْتَاجُونَ فِي شَهَادَتِهِمْ إلَى تَعْيِينِ الْأُمِّ، وَالْحُرُمَاتُ لَا تَحْتَاجُ فِي الْقَضَاءِ بِهَا إلَى الدَّعْوَى، وَإِذَا لَمْ تَحْتَجْ إلَى الدَّعْوَى لَا يَضُرُّ التَّنَاقُضُ فِيهَا (وَقِيلَ هُوَ) أَيْ الدَّعْوَى (شَرْطٌ) مُطْلَقًا فِي حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ وَدَعْوَى الْإِعْتَاقِ فِي الْكَافِي وَالصَّحِيحُ أَنَّ دَعْوَى الْعَبْدِ شَرْطٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ وَالْعِتْقِ الْعَارِضِ (لَكِنَّ التَّنَاقُضَ) فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى بِهَا، أَمَّا فِي حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ (فَلِخَفَاءِ) حَالِ (الْعَلُوقِ) فَإِنَّهُ يُسْبَى مَعَ أُمِّهِ أَوْ بِدُونِهَا وَلَا يُعْلَمُ بِحُرِّيَّتِهَا وَرِقِّهَا حَالَ الْعَلُوقِ بِهِ فَيُقِرُّ بِالرِّقِّ ثُمَّ تَظْهَرُ لَهُ حُرِّيَّةُ أُمِّهِ فَيَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ، وَفِي الْإِعْتَاقِ الْعَارِضِ فَلِأَنَّ الْمَوْلَى يَنْفَرِدُ بِهِ، وَلَا يَعْلَمُ الْعَبْدُ فَيُقِرُّ بِالرِّقِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute