. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ذَلِكَ الْعَقْدِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِأَنَّ الْحَادِثَ يَثْبُتُ مَقْصُورًا عَلَى الْحَالِ، وَحُكْمُ ذَلِكَ السَّبَبِ لَيْسَ هَذَا، بَلْ أَنْ يَثْبُتَ بِالْإِجَازَةِ مِنْ حِينِ ذَلِكَ الْعَقْدِ وَلِهَذَا يَسْتَحِقُّ الْمَبِيعَ بِزَوَائِدِهِ الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ. وَسَبَبُ ذَلِكَ النَّهْيِ يُفِيدُ هَذَا وَهُوَ قَوْلُ حَكِيمٍ «يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الرَّجُلَ يَأْتِينِي فَيَطْلُبُ مِنِّي سِلْعَةً لَيْسَتْ عِنْدِي فَأَبِيعُهَا مِنْهُ ثُمَّ أَدْخُلُ السُّوقَ فَأَشْتَرِيهَا فَأُسَلِّمُهَا، فَقَالَ ﷺ: لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك».
وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْجَوْزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْقَزَّازِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ سَمِعَهُ مِنْ قَوْمِهِ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ.
وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ قَالَ: حَدَّثَنَا مَيْمُونٌ الْخَيَّاطُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ: حَدَّثَنَا الْحَيُّ «عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ بِهِ أُضْحِيَّةً فَاشْتَرَى شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَجَاءَ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ، فَدَعَا النَّبِيُّ ﷺ فِي بَيْعِهِ بِالْبَرَكَةِ، فَكَانَ لَوْ اشْتَرَى تُرَابًا رَبِحَ فِيهِ» وَرُوِيَ «أَنَّهُ ﷺ دَفَعَ دِينَارًا إلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ لِيَشْتَرِيَ بِهِ أُضْحِيَّةً، فَاشْتَرَى شَاةً ثُمَّ بَاعَهَا بِدِينَارَيْنِ، ثُمَّ اشْتَرَى شَاةً بِدِينَارٍ وَجَاءَ بِالشَّاةِ وَالدِّينَارِ إلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ: ﷺ: بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي صَفْقَتِك؛ فَأَمَّا الشَّاةُ فَضَحِّ بِهَا، وَأَمَّا الدِّينَارُ فَتَصَدَّقْ بِهِ» وَقَوْلُك لَا انْعِقَادَ إلَّا بِالْقُدْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ، إنْ أَرَدْت لَا انْعِقَادَ عَلَى وَجْهِ النَّفَاذِ سَلَّمْنَاهُ وَلَا يَضُرُّ، وَإِنْ أَرَدْت لَا انْعِقَادَ عَلَى وَجْهِ التَّوَقُّفِ إلَى أَنْ يَرَى الْمَالِكُ مَصْلَحَةً فِي الْإِجَازَةِ فَيُجِيزَ فِعْلَهُ أَوْ عَدَمَهَا فَيُبْطِلَهُ مَمْنُوعٌ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ الدَّلِيلُ دَلَّ عَلَى ثُبُوتِهِ وَهُوَ تَحَقُّقُ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ لِكُلٍّ مِنْ الْعَاقِدِ وَالْمَالِكِ وَالْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَلَا مَانِعٍ شَرْعِيٍّ فَيَدْخُلُ ثُبُوتُهُ فِي الْعُمُومَاتِ.
أَمَّا تَحَقُّقُ مَا ذَكَرْنَا فَإِنَّ الْمَالِكَ يَكْفِي مُؤْنَةَ طَلَبِ الْمُشْتَرِي وَوُفُورَ الثَّمَنِ وَقَرَارَهُ وَنَفَاقَ سِلْعَتِهِ وَرَاحَتَهُ مِنْهَا وَوُصُولَهُ إلَى الْبَدَلِ الْمَطْلُوبِ لَهُ الْمَحْبُوبِ وَالْمُشْتَرِي وُصُولُهُ إلَى حَاجَةِ نَفْسِهِ وَدَفْعُهَا بِالْمَبِيعِ وَارْتِفَاعِ أَلَمِ فَقْدِهَا إذَا كَانَ مُهِمًّا لَهُ وَالْعَاقِدُ يَصُونُ كَلَامَهُ عَنْ الْإِلْغَاءِ وَالْإِهْدَارِ بَلْ وَحُصُولُ الثَّوَابِ لَهُ إذَا نَوَى الْخَيْرَ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى حُصُولِ الرِّفْقِ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ. وَلَمَّا كَانَ هَذَا التَّصَرُّفُ خَيْرًا لِكُلٍّ مِنْ جَمَاعَةِ عِبَادِ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ كَانَ الْإِذْنُ فِي هَذَا الْعَقْدِ ثَابِتًا دَلَالَةً، إذْ كُلُّ عَاقِلٍ يَأْذَنُ فِي التَّصَرُّفِ النَّافِعِ لَهُ بِلَا ضَرَرٍ يَشِينُهُ أَصْلًا وَبِالْعُمُومَاتِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ وَصَارَ كَالْوَصِيَّةِ مِنْ الْمَدْيُونِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute